تحية الصباح … مرّة أخرى نقابة المعلّمين

حين نقول ” نقابة” فذلك يعني “منظّمة شعبيّة”، أي ننزع عنها صفة الرسميّة، بمفهوم الرسميّة كما هو في معظم دوائرنا، والتي في معظم الأحيان تتعامل مع المواطن المُراجِع على أنّه صاحب حاجة، وأنّ من يستجيب له يُشعره أنّه متفضِّل عليه، بينما المفاهيم النظيفة تقول إنّ هذا الموظّف هو ” خادم” لهذا المواطن، لأنّه يتقاضى راتبه، وتعويضاته.

أتحدّث عن نقابة المعلّمين، وأنا منذ أن أُنشئتْ اعتُبرت عضوا فيها، وأمضيتُ في مكاتب هذه النقابة في حمص خمسة عشر عاماً من خدمتي في الوظيفة، بمعنى أنّني أعرف شيئا من دواخل هذا البيت، المبنى القائم حاليّاً،

الآن سأنتقل إلى مفردات عمليّة محدَّدَة:

1-أن يكون على المتقاعد، حين يُراجع من أجل تجديد الدفتر الصحّي، في نهاية كلّ عام، .. عليه أن يصعد إلى الطابق الثالث من ذلك البناء، فتلك عقوبة حقيقيّة، لأنّ المتقاعدين تجاوزوا الستين سنة من أعمارهم، وبعضهم تجاوز السبعين، وعليه أن يصعد إلى الطابق الثالث، ومعظمهم قد أخذت سنوات الخدمة من عمره ما أخذت، فكم سيكون شاقّاً على المريض أن يصعد أدراجاً يعيا فيها السليم فماذا يكون حال السقيم؟!!

2-كانت النقابة قديماً تقبَل في تجديد وصفات المرض الدّائمة أن تُصادق عليها اللجنة الطبيّة المكلَّفة، لا أن يُطلب من المريض أن يقدّم في كلّ عام صوراً، ووثائق تؤكّد أنّه معلول،

أليس من المفروض، في زمن الكمبيوتر أن يكون لدى النقابة قاعدة بيانات فيما يتعلّق بشأن أعضائها، بحيث بكبسة زرّ يمكن الاطّلاع على صفحته الصحيّة وغير الصحيّة؟

تُرى كم سيعاني المرضى من منتسبي هذه النقابة، لكأن ثمّة فائضا من الصحّة، والمال لديهم!!

3-حين جرى التّرويج، من قِبَل النقابة لصندوق الضمان الصحّي كانت النقابة من أكثر المتحمّسين له، وأذكر أنني سألت نقيب المعلمين يومها على الهاتف، عن فوائد الاشتراك في هذا الصندوق، فأجابني “كلّه فوائد، ولولا ذلك لما كنّا تحمّسنا لها”، وعلى هذا الأساس انتسب مًن انتسب، ..اليوم سمعنا نغمة جديدة فيما يتعلّق بهذا الاشتراك، فثمّة من يبلّغ المعلّمين شفهيّاً أنّه لا تجوز الاستفادة من صندوق النقابة، ومن صندوق الضمان، وأنّ النقابة سوف تحسم ثمن الأدوية المصروفة مضروبة بخمسة كعقوبة للمعلّم، وهنا أتساءل لماذا لم تبلّغوا المعلّمين بذلك قبل اشتراكهم، أو أثناء القيام بما يلزم لذلك الاشتراك، ثمّ أيّ قانون يمنع هذا ما دام المشترك يدفع اشتراكه هنا وهناك، ؟!!

تُرى مَن أعطى الحقّ لموظفّي النقابة، المكلّفين بإعداد دفتر الصحّة أن يتعاملوا مع زملاء لهم، وهم في مثل سنّ أولادهم ، أو أحفادهم،؟!!

إحداهنّ حين ازدحم المعلمون، وكانت الساعة قد بلغت الثانية عشرة ظهراً، صرخت في وجوههم  ” انتهى ، خلّصنا، تعالوا يوم الأحد القادم”، وكان اليوم يوم خميس!!

تُرى هل يُدرك هؤلاء كم سيكلّفون هؤلاء المسنّين من الأعباء والجهد الجسدي، والمعنوي، والمالي؟!! ولولا أن وُجد مراجع،- وهو من نقابة أخرى،- فصرخ في وجه الموظفة، وفي وجه زميل لها ساندها داعماً رأيها، واتّجه إلى مكتب النقيب، فوجد آذناً ” يدفّش” المراجعين بقسوة، ويمنعهم من رؤية النقيب لأنّه في اجتماع، فارتفع صوته أعلى، فاستغاثوا بموظف فاعل في النقابة، استجاب لما سمع، وألزم الموظفيّن بمتابعة العمل.

زملاءنا في النقابة، ستغادرون هذه الكراسي التي تجلسون عليها، وستجدون أنفسكم تصعدون إلى الطابق الثالث، وقد لا تجدون من يرفع صوته مدافعاً عنكم.

أخيرا لماذا لا تجعلون المكاتب التي يأتي إليها المتقاعدون في الطابق الأرضي، فهل المُناقلة صعبة لهذه الدرجة؟!!

عبد الكريم النّاعم

aaalnaem@gmail.com

المزيد...
آخر الأخبار