لا ترهق عينيك في التمعن بالشعارات التي رفعها مديرو مؤسساتنا الخدمية والتي تخاطب المواطن بالقول : لا تدفع الرشوة من أجل إنجاز معاملتك لأن هذا من صلب عملنا أو ” الالتزام بالدور دليل حضاري أو القانون لا يحمي المغفلين و غير ذلك من عبارات مستنسخة تدعوك للاسترخاء والاطمئنان إلى أن أمورك الخدمية بأيد أمينة وتجعلك ترفع القبعة قبل أن تطأ قدماك أول درجة من سلسلة أدراج تلك المؤسسة أو هذه الدائرة التي قصدتها قبل وصول الموظفين إلى مكاتبهم ,… فالحكي ببلاش , والدخول في أبواب بعض الدوائر لانجاز المعاملة كاف لشرح ما رمينا إليه واختصرنا ذكر المفيد منه , فمن تعجيز إلى تعجيز ومن تيه إلى تيه , ولا خلاص من الرشوة وأية رشوة قيمتها ليست خمسمئة أو ألف ليرة سورية وإنما من العشرة آلاف فما فوق وإذا تجلدت بالصبر وقررت ابتلاع البحر قطرة قطرة وتسلحت بشعارات المؤسسة المعلقة على الجدران فعنادك لن يفيدك , أعصابك ستتلف من الانتظار دون طائل ومعاملتك ستفقد صلاحية الوقت المخصص , والحجة – غالباً – وفي معظم الأوقات الشبكة مقطوعة وعندما تحضر ” الشبكة ” فحال بعض الموظفين معك , إذن من طين وإذن من عجين , كل يشغل نفسه ببعض المعاملات لمعقبي المعاملات تحاصصوا فيها الإكرامية مع بعض موظفي تلك الدائرة وطبعاً هذا كله ضمن ما يسمى ” النافذة الواحدة ” التي أحدثت خدمة للمواطن واختصاراً لجهده ووقته , حيث في هذا الركن المسمى( نافذة واحدة) لا تحتاج لفلان أو علان لتستدل على غرفة أو مكان , معاملتك يفترض أن تمشي بأمان , كما تجري المياه في الوديان , من فلان إلى فلان , تم تجميعهم بدراسة تكنولوجية ونظام ضمن نافذة واحدة لخدمتك أنت المواطن ” الإنسان ” لكن يبدو أن التطور التكنولوجي والأخلاقي غير متلازمين والمضحك المبكي أن ” معاملتك ” قد تكون في خواتيمها يعني ” عالبصمة ” فقط عند احد الموظفين لكن يتم عرقلتها والتكلفة ” خارجاً ” هي خمس وثلاثون ألف ليرة وما فوق وهذا المبلغ يتعلق بتلك الجزئية البسيطة ” البصمة ” والغريب في الأمر أنه بعد دفع المبلغ المذكور تحل العقدة وتبصم ضمن النافذة الواحدة وعند الموظف نفسه – وهذه المفارقة هي الضحك على اللحى ,
وكي لا نعمم و” إذا خليت خربت ” فداخل النافذة الواحدة يوجد موظفون يتمتعون بالأخلاق والضمير..
حلم شدود