الفن التشكيلي في سورية .. جيل الريادة الأول” محاضرة في رابطة الخريجين الجامعيين …” بدور : عراقة فنون الرسم والحفر والتصوير من عراقة الإنسان السوري …
ألقى الدكتور نزيه بدور محاضرة بعنوان ” الفن التشكيلي في سورية – جيل الريادة الأول” في رابطة الخريجين الجامعيين بحضور جمهور من المهتمين ومتابعي الأنشطة الثقافية .
و تحدث د. بدور في البداية عن تاريخ الفن التشكيلي مشيراً لعراقة فنون الرسم والحفر والتصوير في سورية بأنها من عراقة إنسانها, و كان التراث من أهم مصادر الإلهام بكل معطياته الفكرية والبصرية.
وذكر بنهضة القرن السابع عشر ومصاحف القرآن الكريم المكتوبة بخط نسخي مدهش على خلفيات مزخرفة بالتوريق وألوان الذهب والفيروز والورد وتحدث عن أول كشف للآثار من العصر الحجري الحديث جنوبي مدينة رأس العين السورية ، وسميت الحضارة المنسوبة إلى تل حلف بالحضارة الحلفية ، وتتميز بالفخاريات المزينة برسوم هندسية ورسوم حيوانات, وتعود آثار الموقع للألف السادس قبل الميلاد وكان بعدها موقعاً للدولة الآرامية غوزانا في الألف الأول قبل الميلاد بيت بحياني ” زمن الملك كابارا “
ثم تحدث عن الفريسك ” التصوير الرطب ” بدرجاته اللونية المميزة التي تظهر تدرج ألوان الصور الجدارية من الأصفر الترابي إلى الأحمر الترابي ثم إلى البني وتحدث عن فسيفساء مريمين وتعتبر لوحة العازفات الفسيفسائية الشهيرة المكتشفة في قرية مريمين واحدة من أندر اللوحات الفنية الباقية في العالم وتمثل فرقة موسيقية مصنوعة بمنتهى الجمال والاحترافية وتعود للعصر الروماني وهي مشغولة بأحجار رخامية وزجاجية صغيرة جداً وعرض اللوحة أربعة أمتار ونصف وطولها خمسة أمتار ونصف .
كما تحدث د.بدور عن فسيفساء المسجد الأموي ، والأيقونة ، والأيقونة الدنيوية والأيقونات الحلبية ورأى أن صحوة الحداثة تتضح في القرن الثامن عشر في بلاد الشام حيث كانت تتوطد العلاقات التجارية مع الغرب حيث احتفظت سورية خلال الاحتلال العثماني بفنونها وصناعتها التقليدية . وقال إن اللوحة دخلت إلى ذوقنا الحضاري عن الطريق الأوروبي من خلال اللوحة المتنقلة التي تعالج صورة أو موضوعاً في إطار مستقل عن استعمالية الأشياء .
وأشار لجيل الرواد المؤسسين ومنهم توفيق طارق 1875-1940 وهو من أوائل رواد الفن التشكيلي في سورية ودرس التصوير الزيتي وهندسة العمارة وهندسة مسح الأراضي في باريس وقام بتخطيط شارع النصر في دمشق وهو الشارع الذي يربط بين محطة الحجاز وسوق الحميدية ووضع مخططات العديد من الأبنية الجميلة في دمشق وساهم بترميم العديد من واجهات المساجد الدمشقية ومارس هوايته في التصوير الزيتي الملوّن ورسم عشرات اللوحات التسجيلية وشارك في تأسيس نادي الفنون الجميلة في حي ساروجة ،وتحدث عن بعض لوحاته ومنها قافلة الحج –بحيرة طبريا -السعي بين الصفا والمروة- أبو عبدالله الصغير – مجلس الخليفة المأمون – الفلاحة الأميرة – عقدة الفردوس في منطقة الربوة .
وتحدث عن الفنان التشكيلي منيب النقشبندي الذي ولد في حلب 1890 وأهميته تكمن من كونه الشرارة الأولى التي انطلقت منها الحركة التشكيلية في حلب ،وتميز أسلوبه بالرومانسية في التعبير ،وتعتبر تجربته الفنية في مفهوم النقد الفني الحديث من التجارب التي اعتمدت على أسلوب المدارس الكلاسيكية والتسجيلية كما تحدث عن لوحات غالب سالم رائد الفن في حلب بأنها مشاهد واقعية فيها لمسات من الانطباعية ويبدو تأثير انخراطه في تطوّر المشهد الفني واضحاً في ابتعاده عن الواقعية المفضلة .
وقال إن الفنان التشكيلي ميشيل كرشه “1900-1973″الذي صمم الطوابع البريدية ونالت تصاميمه الاستحسان والجوائز وامتاز بأسلوبه الانطباعي ويعتبر رائد هذا الأسلوب في سورية وله عدة أعمال تكشف عن مهارة في التلوين والبناء باللون .
كما أشار إلى سعيد تحسين “1904-1985″الذي أسهم في تأسيس الجمعية العربية للفنون الجميلة و قام بتدريس التربية الفنية ورسم للمجلات والصحف والكتب المدرسية ونال وسام الاستحقاق السوري عام 1983 .
ونوّه بتجربة الفنان رشاد قصيباني الذي ولد عام 1911 ودرس فن الفسيفساء والفريسك في ايطاليا 1939 وحاز على دبلوم الزخرفة من أكاديمية الفنون الجميلة الملكية فلورنسا 1940 ودبلوم التصوير من كلية الفنون الجميلة في فيينا 1944 .
وآخر الفنانين الروّاد الفنان محمود جلال الذي ولد عام 1911 في طرابلس ليبيا وعاش في دمشق حيث توفي فيها عام 1975 وتخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في روما وله حوالي ثمانين عملاً فنياً يشمل لوحات مستلهمة من الكلاسيكية المحدثة ومنحوتات ونصب رمزية حديثة وصوّر في لوحاته الطبيعة ومشاهد من داخل البيت السوري .
وختم محاضرته بالإشارة لجيل الرواد الثاني وهو من صنع هوية الفن التشكيلي السوري الحديث باستلهامه التراث الإبداعي السوري الثري وانفتاحه في ذات الوقت على مفاهيم الفن في عصره فأبدع فناً أصيلاً لا يتقوقع على ذاته ولا يذوب في غيره واتسم هذا الجيل بالعمق المعرفي وبالحوارات العميقة في تجمعات سمتها الأساسية الثقافة والإبداع حسب رأي الناقد الراحل طارق الشريف.
ومن رواد الفن التشكيلي الجيل الثاني ذكر :ممدوح قشلان –عبد القادر ارناؤوط –محمود حماد –نصير شورى –نذير نبعة –الياس زيات –طارق الشريف –صبحي شعيب –أحمد دراق السباعي .
و عرض مجموعة من اللوحات الفنية للفنانين الرواد من الجيل الأول والثاني عبر جهاز الإسقاط .
العروبة- عبد الحكيم مرزوق