يقول نجيب محفوظ ” نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب بل نموت قبل ذلك حين تتشابه أيامنا وتتوقف عن التغيير ، حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا …” الموت هو أن تكرر نفسك ….الروتين هي الرصاصة التي تقتل الإبداع . والتقوقع والثبات هو المستنقع الذي سيلم كلّ الطحالب والاشنيات والضفادع إلى مياهك … .. نحن آلات مبرمجة تفعل شيء معتاد روتيني ومملّ ..لا طائل منه ..تمر أيامُنا مكررة وكأننا ندور بدائرة ..العادة تفقدنا الرغبة .. فقط تجربة الجديد والبحث عن السعادة في أبسط الأشياء هو ما يقتل التكرار ويغيّر الروتين..
الحياة المعاصرة خلقت منا آلات تعمل ليل نهار ..نعمل حتى نتسلق السّلم وكلّما تسلقنا درجة نبدأ بالتّحضير للدرجة التي تليها ..بدون حتى التوقف والاستمتاع .. ندرس حتى ننجح وعندما ننجح نبدأ بمزاولة عمل وبعدها نفكر ببناء منزل ثمّ الزواج ..ثم الإنجاب ..وهكذا .. هل توقفنا للاحتفال مثلاً بنجاحنا ..؟؟ وهل كنّا ممتنين ونحن نسير كما البقية بما نملك من قدرات وطاقات ونجاحات ..؟؟ هل علاقتنا مع عملنا علاقة استمتاع ..؟؟ أم فقط وقت يمضي لنحصل على مردود مادي وينتهي الأمر ..!! هل علاقتنا مع أولادنا علاقة محبة وصداقة وفرح أم إنّها علاقة مرشد ومؤنب وعبء يتطلب عمل أكثر لإشباع متطلبات التربية والرعاية فقط ..؟؟ ولمَ نحتفل بمهرجانات الاستمتاع بكل شيء ..؟؟ هل كنت شغوفا أوّل مرّة حصلت فيها على عمل .. ولماذا ماتت هذه السّعادة بعد فترة ..هل تذكر سعادتك بنجاحك بتفوق كيف تلاشت مع مرور الزمن .. أوّل حب هل تذكر ماذا فعل لقلبك وكم جعلك تشعر بالطيران من الفرح ..لماذا لم تستمر هذه اللحظات .أول لحظة أصبحت فيها أب أو أم ..كلّ هذه السّعادات تصبح عادية بفعل الروتين والمرور الزمني عليها !! والحلّ .. ؟؟؟ الحلّ هو الصّبر والمثابرة …نعم يبدو الأمر مضحكا أن تعالج الروتين بالثبات إلا أن هذا الثبات هو ثبات وهميّ لنصل إلى المحطة القادمة والتي ستحدث تغييرا جديدا لأنّ الحياة هي ليست سباق مئة متر نركض فيه بكلّ الشغف وبسرعة مطلقة إنما هي ماراتون يحتاج فواصل للراحة ومن ثمّ الانطلاق . إنّ العصر الحالي هو عصر سرعة يحولنا إلى مستهلكين وربما مشكلتنا الأساسية مع التغيير أننا أصبحنا نغير ونتغير أكثر من اللازم غير مدركين أنّ التغيير عمليّة تحتاج وقت كاف وكلّ تغيير بدون وقت كاف هو عبارة عن أرضية زلقة تنقلنا بسرعة من مكان إلى آخر وللأسف تتسبب باصطدامنا و تحطمنا أحيانا.
عفاف خليل