تحية الصباح .. التبرير والتسويغ

والله لقد أصبحت أكره سماع الفعل – برر – والمصدر – تبرير – ،. وللتذكير : برر عمله : زكاه وذكر من الأسباب ما يبيحه ، وبرره : جعله مقبولاً . وهذا ما رآه مجمع اللغة العربية
كما أصبح بدني يقشعر من سماع الفعل – سوّغ – والمصدر – تسويغ – فسوّغ الأمر : أباحه وجوّزه . والتسويغ جعل الشيء جائزاً ومقبولاً . ولا يخفى عليكم أن سبب كرهي وقشعريرة بدني من هذين الفعلين وهذين المصدرين كثرة الاستعمال بمناسبة ومن غير مناسبة ، فكل ظاهرة سلبية لها من يسوّغها ويبررها ، وقد يكون من يسوغها ويبررها مشاركاً في خلقها أو مستفيداً منها على الأقل ، وأعتقد أن أول ما يقفز إلى ساحة الذهن حالياً التسويغات والتبريرات لخسارات منتخبنا الوطني لكرة القدم وخروجه من الدور الأول في بطولة كأس آسيا ، وأطرفها تسويغات وتبريرات المدرب الألماني الذي كلف الدولة السورية ملايين الليرات ، فهذا المدرب المغمور في بلاده الذي طبلنا وزمرنا له كثيراً قبل وصوله وبعد وصوله ، برر النتائج وسوّغها بأنه تفاجأ بمستوى المنتخب الفلسطيني وصموده !! ثم عاد وتفاجأ بمستوى المنتخب الأردني ، وكأن مهمته فقط أن يتفاجأ بمستوى الفرق التي يواجهها في البطولة بعد أن تفاجأ بكل الفرق التي واجهها منتخبنا في المباريات التمهيدية ، ولكن أحداً لم يسأله يومها : لماذا هذه النتائج المتواضعة ؟! وانتظرنا حتى وقعت الفأس على الرأس في بطولة كأس آسيا ، ونشعر بالإحباط بل بما هو أكبر من الإحباط ونحن من كنا نمني أنفسنا بالفرح !!
وما أشبه التفاجؤ الذي عبّر عنه المدرب الألماني ومن لف لفه أو كان من سدنته بتفاجؤ مسؤول عن الوقود المنزلية وتوزيعها فقد فاجأه برد الشتاء القارس وكأن هذا البرد جاء في شهر آب اللهاب ولم يجئ في كانون ، ولم يسمع المثل القائل : عرس المجانين في كوانين .
ولعل هذا التفاجؤ يذكر بتفاجؤ مسؤول في بلدية ، قد تكون من أهم بلديات مدننا ، لقد فاجأته الأمطار الغزيرة وعجز المصارف عن تصريف المياه الفائضة ، مما تسبب بفيضانات في الحارات وغمر للبيوت وأضرار لم تكن مفاجئة للمتضررين لكنها كانت مفاجئة للمسؤول عن الطرق والساحات . وأراني عاجزاً عن التوقف عند هذا الحد من التسويغات والتبريرات دون التذكير بالتبريرات الدينية لأعمال إرهابية أزهقت أرواح الآمنين بالآلاف والتي نتذكر منها تبرير : يوسف القرضاوي لقتل السوريين : ومالو ؟!! فمن الذي أحيا هذا الفكر المنحرف عن الدين الحنيف والمعتمد على تفسيرات رفضها المسلمون لمئات السنين ؟!!
أعتقد أن السؤال يمكن أن يوجه إلى وزارة المستعمرات الإنكليزية التي جعلت أمثال : فرج الله الكردي يحقق كتباً شكّ حتى بنسبتها إلى ابن تيمية بسبب انقطاع السند .

د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار