يوطد المرء نفسه في بنائية شخصيته من خلال عوامل تتشابك فيما بينها , وتتداخل ما بين ما هو ذاتي فطري و مكتسب و آخر موضوعي يحمل تجارب الآخرين وفساحة الحياة في جوانبها على اختلافها , ووفق منظور معطياتها مخزوناً معرفياً في ماضيها , وغنى حاضرها , وما يستجد من قضايا تدفع بذاتها عبر إبداعات وابتكارات , فهذا كله ما بين الخاص والعام , والذاتي والموضوعي إنما بكليته يشكل منظومة لوعي جمعي يتجوهر نفعاً ثري الرؤى , واسع المدى , ولا سيما عندما يكون مزركشاً بآفاق رحبة من نبالة الخير في مدارات الإنسان قيمة كبرى ينشد الحياة بعداً يستشرف نتاجات للمستقبل وليس البقاء على استهلاك لحاضر فحسب ضمن إجرائية الحياة بل يكون ضمن فرادة كل أداء , ولا سيما الأداء النوعي لإشراقة الإنسان الأعلى في جنبات كل ابتكار يحاكي فكراً في حصافته إبداعاً , وساعداً في تشييده نبوغاً فتكون مطارح الحروف كلمات مواسم تغنيها البيادر , وتصدح بها أغاريد الخير , وتكون السواعد صروحاً سامقة , مداها لألاء حبات عرق تنضح على جباه تعانق الشمس مرايا كد لإشراقات كل نور في سمو النفس ورقي الصدق ونقاء الروح في أصالة كل أداء يجمع كينونة الإنسان المبدع في حقول الحياة نماء وعطاء يزداد على قدر تعب الأيام عصامية اجتهاد ذاتي عبر إعمال للتفكير , واجتراح لمسالك في كل جهد يرنو بصاحبه إلى الذرا طموحاً في تميّز عبر اعتمادية نسغها ثقة في غرس بذار كل جهد وتعب في مهاد الثقة , وقد أخذ دوام تجدد نسغها أداء نوعي التفرد يفيض بهاء أعمال ناضرة تجاوزت المألوف فكانت لصاحبها علامات وصوى على دروب الزمان ومساحات السنين ولغيره عوالم من إدراك متوّج بكرم كل حفاوة وسعادة كل تقدير لقاء خير بخير .
إن الاعتمادية مؤشر أساس في كل جانب ولعل في مجال التربية طرائقَ ضمن تعلم تعاوني تؤسس الاعتمادية تفعيل مكانة ثقة المرء بذاته واستنهاض ما لديه من قدرات , ليكون له ما يستطيع من إرادة فعل وبلوغ غاية وروعة أداء .
وهكذا في مشارف كل فلسفة وفساحة كل بحث ومكان عمل .
إنها الاعتمادية تاريخ عمر المرء المشيد بمداميك الجهد اللافت دون وهن يدفعه إلى تعثر في مكان أو اتكاء على آخر ولكم هو جميل قول المتنبي تجذراً في دعوة الإنسان إلى أن يترك بصمة على جدار ما اتسعت له الأيام من حضور ما بين ولادة في حياة وسفر إياب .
وتركك في الدنيا دوياً كأنما
تداول سمعَ المرء أنمله ُ العشرُ
حقاً إن الاعتمادية في الجهد المادي والمعنوي على مستوى الفرد والكل في جماليات الوعي الفردي والمجتمعي تداخل إشراقات بأنوار إنما , هي شرفات لآفاق من قيم مضافة لجماليات في كل خير تسهم في البناء والحضارة ورقي جمال الإنسان في مدارج كل جمال وجميل أيضاً هذا التوكيد على دور الفرد في الاعتمادية :
و إنما رجل الدنيا وواحدها
مَنْ لا يعول في الدنيا على رجل
مؤكد , لا غنى للإنسان عن أخيه الإنسان لكن بفيض استثمار الزمن وتحفيز ما لدى كل واحد منا , نحن الناس من قدرات يكون تدفاق نهر العطاء غنى روافد اجتهدت على تضاريس كل ساعد وفكر وواحة عبقريات .
أجل هي الاعتمادية عصامية التجذر في ابتكار الحرف وصناعة المثابرة وألمعية التفرد ورجاحة الهمة في وقار معنى النجاح في النجاح . كما هي شذرات الضياء تنداح فياضة في بهائها تلون أطياف كل لون فتزيدها نضارة على غيرها وبكليهما تقول الحياة حكاية فرد ومجتمع وحضارة وإنسان , وجميل أيضاً :
إني فرضت على الليالي ملعبي وأبيت أن أمشي عليه مقيّداً
نزار بدّور