تحية الصباح .. دعوة ليست للتمكين

توقفت عند مدخل نفق الجامعة من جهة الباب الرئيس طويلاً ، وأنا أقرأ وأعيد لوحة إعلانية كبيرة كتب عليها : مكتبة – غوأون – فتذكرت عقوداً من السنين خلت ، وكانت الأرصفة تمتلىء بكراسات كثيرة تحمل عناوين – تعلم الانكليزية في أسبوع دون معلم – تعلم الفرنسية دون معلم وإلى ماهناك من اللغات الايطالية والاسبانية والألمانية .. ويومها اشتريت كراس تعليم الانكليزية بدون معلم وكنت شغوفاً بتعلم هذه اللغة منذ المرحلة الإعدادية ، وفوجئت أن هذا الكراس ، مكتوب بالعربية . نعم لغة انكليزية مكتوبة بالعربية فصباح الخير مكتوبة – غودمورننغ ، أو – جود مورننغ – أو كودمورننغ – وهكذا .. وطيب الله ثرى الأستاذ طلعت حديد ، الذي نهانا عن قراءة هذه الكراسات التي تعلم الانكليزية دون معلم ، وقال لنا : إنها تسيء إلى اللغتين العربية والانكليزية معاً ، واكتسبنا منه اللغة الانكليزية اكتساباً وتابعنا هذا الاكتساب حتى يومنا ، فاللغة اكتساب وتعلم وليست تعليماً قائماً على الخداع والدجل وتشويه الأشياء .
واليوم نجد هذه الموضة اللغوية قد عادت أكثر شراسة وبهرجة ، فلم تعد كراسات متواضعة تباع على الأرصفة ، وإنما أصبحت لوحات كبيرة بألوان زاهية وخطوط عريضة ومازالت عبارة –سيتي سنتر – معلقة على البرج في وسط حمص قرب الساعة الصغيرة فأي ضير لو كتبت بالعربية – مركز المدينة وكتبت بالانكليزية : city center
ومازالت عبارة –سكاي فيو-على الطابق الأخيرفي مبنى نقابة المعلمين قرب الساعة الكبيرة فمايضيرنا لو كتبنا بالعربية – مشهد السماء – أو مرآها وكتبنا بالانكليزية : sky veiw
هذا كله بدأ قبل العدوان الكوني الشرس على وطني سورية، أما اليوم وبعد ثماني سنوات من العدوان فساقرأ لك غيضاً من فيض .ومن هذا الغيض : فري فاشن ، سيتي مون ، بيوتوفول ليدي فماذا يضيرنا لو كتبناها بالعربية : أزياء حرة ، قمر المدينة ، سيدة جميلة وكتبناها باللغة الانكليزية أيضاً ؟
والأغرب أننا نجد : أوربيان شوز ، أميركان درس . أي أحذية أوربية ، ملابس أمريكية ، فكيف وصلت إلينا هذه البالات التي كثرت محالها حتى غصت بها الشوارع والساحات ونحن محاصرون منذ ثماني سنوات في علبة الدواء ، وحليب الأطفال ، وقطع غيار المحركات ..؟!!
وأمس قرأت برنامج فرع اتحاد الكتاب العرب لموسمه الثقافي ، وفي برنامجه ندوة لتمكين اللغة العربية فتذكرت الكثير الكثير .. تذكرت بعض محطاتنا التلفازية التي يستخدم مقدمو برامجها اللهجة العامية ، تذكرت كثيراً من اللوحات الدالة مثل : مكتب المهندسان ..
تذكرت اللغة الفيسبوكية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تجعل كل حركة حرفاً : اشتقتوا اليكي يا اختو..!
فقلت : إن لغتنا العربية بخير طالما نحن مصممون ومصرون على تمكينها ..!!

د.غسان لافي طعمة

 

المزيد...
آخر الأخبار