العمل هو ملح الحياة والقيمة الحقيقية فيها والعمل حاجة ضرورية تقتضيها مفردات الحياة اليومية ومتطلباتها على مستوى الأفراد والمجتمعات والدول وتنوع العمل ناتج عن تعدد حاجات الإنسان وذلك كي تستمر الحياة بوتيرة متصاعدة , أما تكامل الأعمال فهو بالضرورة إنتاج مجتمعات قادرة على الاستمرار وذلك من خلال توفير مستلزمات البقاء والارتقاء .
فالطلاب في مدارسهم يواصلون ليلهم بنهارهم متفرغين لعملية التعلم التي ستحقق لهم يوما ما فرصة عمل في المجال الذي يرغبون فيه وخاصة الاختصاصات الجامعية , ولكي يتم إنجاز أي عمل بدقة متناهية لا بد من تربية تحمل في طياتها حب العمل وإتقانه وعدم التفريط ولو بدقيقة واحدة من المدة المقررة له يوميا لأنها الطريقة المثلى لارتقاء سلم التطور والأمثلة أمامنا كثيرة فهناك دول بعينها ومن خلال تقديسها للعمل استطاعت أن تكون رائدة في كثير من الصناعات الضرورية والأساسية كصناعة آلات المعامل والمصانع وصناعة وسائل النقل من الدراجة إلى الطائرة وأجهزة الحاسوب ووسائل التواصل الاجتماعي وتتسابق تلك الدول فيما بينها لتكون رائدة في صناعاتها وبالتالي تغزو الأسواق العالمية وتحصل على مردود اقتصادي يعود على شعبها بالرفاهية والعيش الكريم .
وما يميز تلك الدول هو أن العمل فيها مقدس وأن العمال يتقنون أعمالهم ولا يضيعون دقيقة واحدة من الوقت المخصص للعمل اليومي , هذا من جهة ومن جهة ثانية ليس هناك أحد بنصف عمل أو لديه إمكانية أن يكون مميزا عن غيره فكل العمال سواسية أمام سلطة القانون وأمام رؤسائهم في العمل ولو أجرينا مقارنة بسيطة مع واقع الحال عندنا لوجدنا أن هناك فارقا كبيرا فعند زيارتك لدائرة حكومية تجد عدة قضايا بحاجة إلى إعادة نظر حيث تجد في الغرفة الواحدة ثلاث أو أربع طاولات عليها عدد من الموظفين ويقوم واحد أو اثنان بإنجاز معاملة بيد مراجع أما البقية فهم إما لكتابة صادر أو وضع خاتم الدائرة على المعاملة وتشعر أن موظفا واحدا أو موظفين اثنين بإمكانهما القيام بما هو مطلوب وتجد أن ما تبقى من الموظفين هم عالة على الدائرة وعلى الدولة وهذا ما يمكن إدراجه تحت اسم البطالة المقنعة وهذا موجود في أغلب الدوائر الحكومية , كما أننا مازلنا نعتمد الطرق القديمة في المعاملات وخاصة الورقيات التي لا طائل منها ولا حاجة إليها في زمن تعتمد فيه الدول على الأتمتة وعلى الحاسوب في كافة الدوائر الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة من أجل الاستفادة من العنصر البشري في مكان آخر خاصة أن هناك أعمالاً تتطلب وجود عمال ذكور كالمؤسسات الاقتصادية والوزارات المعنية بإنتاج النفط والغاز والمعامل والمصانع التي تحتاج إلى يد عاملة من الذكور بينما يمكن أن يكون العنصر النسائي في أعمال الحاسوب والأعمال التي لا تتطلب جهودا عضلية , وهذا يقودنا إلى القول أن عمليات فرز الخريجين الجامعيين لا تراعي هذه الناحية أبدا حيث تجد أحيانا خريجا جامعيا في دائرة حكومية لا تتوافق واختصاصه الذي يحمله .
ومن نافل القول أننا شعب حي ومجتمعاتنا الغالبية فيها هم من الشباب القادرين على العطاء اللا محدود وبالتالي لدينا إمكانية أن نكون في مصاف الدول المتقدمة علمياً وتكنولوجياً فهل ستراعي خطط التنمية البشرية والاقتصادية في المستقبل مع ما أسلفنا ذكره ويكون ذلك متوافقا مع إعادة الاعمار على كافة الصعد .
شلاش الضاهر