تحية الصباح.. همسات وجدانية…

بسطت أكفّ الأيام راحاتها، وراحت تتالي أزمنة ، تقص سردياتها أيامٌ وليالٍ، ينتظمها ديدن أسابيع، فشهور، وهي ماضية صوب تخوم من تعاقب سنين، وقد هزجت في رحاب تلك الأكف الندية آمالٌ، وواعدات أمنيات، وغنائية تطلعاتٍ تنشد كل سعادةٍ في مآل كل رجاء. هي تلك الأكفُّ الناهضةُ رجع ما تتطلع إليه النفس، ويرغب به المرء، ويوقد الذهن شعلته وضاءة نحو غاياتٍ ترسم معالم ما يطرق المرء أبواب الزمان مثابرة حاضر يتملى به، فيورق نعماء قطافٍ، ووقع الضوء في مرتقب شعاع، يفيض بهاءً وخيرا على وجنات القادمات من تعاقب أيام بشهور، وشهور بسنين. وعلى مطلول فساحة الزمان، حيث الأرحب مدىً أنفاس الحياة في آفاق ذاك المدى فيتشربه السراب ألف ذكرى وذكرى. هي بين تلك الأكف التي بسطت راحاتها وتماهي العقل والوجدان في مرامي كل منهما وبين منمنمات ما فاض به الخاطر لظىً في وجدان، واتقاد فطنة في ألمعية نباهة قدمت ذاتها عربون سعادة لفرح الجمال في وعي المعرفة أو غنى حذاقة لكل علمٍ وفن، ونبوغ كل أداء نوعي لسلوك يرى حضور الذات ثقة فتحيل كل تعثر إلى سداد مسير، وكل يباب في أشواك الحياة أو أفعال تعب جراء وهن في فقر أداء إلى يانعات ورودٍ بعبق مكرمات الروح، وهالة التسامي في كبرياء الجمال، وسعادة المعرفة غيث عطاء من سعة تدبير في حسن أداء نوعي من سلوك، لكأنك تقرأ وعي المعرفة في أسفار كل علم، ومنظومات القيم أيقونات على جيد الزمان وتغنى بخبرات كل تألق يتساوق وإنسان التاريخ والحياة. إنها الماضيات ذكريات، هي شتول في حقول الأيام، وتداول الفصول تترافدها غدران، وأغدر من وجوه تمر بنا فتلامس ترانيم التحايا على مطالع الأصباح، وصبوة الثواني على دوائر الساعات. هي حكاية عناق بدء بنهاية، مع رخاء بتفاؤل حيث مطلول الزمان لا يمل يهزج فيض الحياة في مرامي الدنا، وهكذا حال وردة من أنامل طفل أغراه صقيل ماء، فأودعها ترسم دوائر من ماء، ومع براءة الطفولة ربما بعض تساؤلات. وإنها الماضيات ذكريات لأماكن ترتعش لوقع جمالها في العقل والوجدان ما يتسع له كل خيال فتتغالب مثخنات الجراح الكلمات لأنها تختزن في رحابها ارتعاشات كل بوح وسمو كل فكرة، حيث الحب والخير والجمال. وهي الماضيات ذكريات لمواقف في غنائية الذات وموضوعية الحياة كأنها دائرة طباشير ما بين مد وجزر. لكن نبالة الجمال وعيا تبلسم كل متاعب، فتراها تغني للنور والأمل والخير لتجعل من الذكريات وعي كل خميرة تتأصل بأمانة الذكرى لعلّها لا تنسى.

نزار بدور