تحية الصّباح… مطالع الوجد عوالمه

نقلْ فؤادك مدارج العمر سفراً على أجنحة القوافي , وحطّ الرحال صوب مطارحَ , تخومها أوابد من ذكريات ومواطن من وجد مقصّب في تواشيح المدى ,وهي تقصّ تباريح الهوى مابين ((برقة ثمهد)) إلى ((عيون المها بين الرصافة والجسر )) إلى مواجع الرحيل أنيناً , وقد خفيت طلولٌ من غير أن يعجز القلب عن التفاتة كلمى , تبوح بمعاناة فراق, وقد عزّ البصر , إلى حيث طلبٍ يعقبه استفهامٌ , مراده نفيٌ , وقد أعياه صبرٌ في وداع , حيث ((وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟ )) إلى العيون الحور التي لحاظُها تصرع ذا اللب , إذ تراها تسبي دنِفاً أمرضه الحب , وأوقده الهُيام , وقد أصابت مقتلاً بغنج نظراتها لكأنها اللظى في ثلاث الأثافي , وهي تسترحم الموقد , وقد اغترب عنه صقيعُ كل جفاء, لتأتي لهفات ذاك الوجد في الحنايا سرح قوافٍ تحاكيها ترانيم لألف رويٍّ ورويّ , أكان ذلك في سردية حال أم صدٍّ وهجران أم بعض انزياحاتٍ لتفاؤلٍ لكأنه برق يحاكي سراباً مابين دنوٍّ و إقبال عبر عوالم من كلمات , أنفاسُها همهمات تنهداتٍ على مطالع قصائد , ومقطعات نثرية , وأشكالا تعبيرية من نحت وموسيقى وأيقونات لثراء إبداع في معطى كل فنٍّ جميل , وغير ذلك من أجناس أدبية مابين مسرحيات وروايات وقصص وخواطر ومقالات , و إبداعات الفن السابع أفلاماً لأساتذة ضمن عبقريات التمثيل وحسن الأداء وقد غدت أعمالا حاضرة في الذاكرة والواقع غنى إبداع , وحذاقة ابتكار ولاسيما جماليات الأغنيات والقصائد المغناة في مرتسم الزمن الجميل  كل ذلك صدى لحقيقة ماهية العاطفة وانشغال رجعها مابين الإنسان والحياة إدراكا وعاطفة أفانين مشاعر ودنيا من أحاسيس وعوالم من قيم , لتتراءى أنماطاً سلوكية تنسج حضورها في صيرورة عادات وتقاليد  ولاشك أن الحب عطاء وهو قيمة كبرى في تجليّات كل عمل مابين ذاتي وموضوعي يتسع له كل مجال في دروب الحياة فيوقع داخل صاحبه رونق الكياسة لأنه طاقة تتجدد وتشحذ كل أداء ببريق كل صقيل عبر فضاءات التعبير , إذ تقوى العاطفة وبشعور الحب على قدر ما يداخل كل منهما متسع من ثقافة راقية الدلالة , عميقة الصدق والهوى , وريانة الرقة والعذوبة على رهافة كل ذوق يسمو به كل جمال , حيث الحياة فضاء خير ونضج تكامل بنّاء , وقد قال عالم النفس / فرويد/لأريكسون : ((أن تحب , وأن تعمل , هما القدرتان المتلازمتان اللتان تمثلان علامتي النضج الكامل)).

 إن الحب بمناقبيته سجايا ومثل ريادة فروسية حضور في شمائل الحياة سمو عاطفة, ولقد جاد الشعراء بقيم ذلك قصائد كما في النثر أيضا , جاء فكرا وفلسفة وعلوما , ولاسيما سمو التضحية تعلقا بالإنسان والأرض والقيم شهامة تضحيات حيث الشرف الرفيع في مقارعة كل جهل وغازٍ ودخيل  وثمة عودة إلى طلل استبكاه الشاعر دياراً حيث فرح ماض ولىّ , وأعرض عنه أهلوه فتوة حب ليغدو مجرد دوارس فيمر به الشاعر زمنا رياضيا عبر شراع الحب تفاؤلا وهو يمسح دمعة تطيف بها أحداق قافية  إنه كينونة غرض الغزل في ديوان العرب بثلاثة أنواعه : الصريح , والعفيف , والتقليدي , وضمن بنية فنية لحقل معجمي لمفردات من جوى إن اكتناز العاطفة بجذاها وقدة عبر مشاعر فياضة من مكنوناتها صدى أمنيات جاء الوجد في منسرب كل إبداع أعطاها كل مدّ, فأعطته كل مدى  بما اتسمت به من سمات , وخصائص  إن هذه العاطفة في موار سطور الحب سعة آفاق من كل رقي وتسام وإعلاء تشذيبا لرونق النفس و أناقة الحضور , وحنو الذات على شفاف كل حنين تصقله قراءة نبالة في مطالع وجد غنى عوالمه .

 *نزار بدّور

المزيد...
آخر الأخبار