يسأل الكثيرون أنفسهم : إن تركنا أكل الفروج والبيض بعد أن طالهما نار الغلاء، هل نستطيع الاستغناء عن السلع الغذائية الأخرى والتي تعد من أبسط المأكولات ولنضرب مثلا ً المجدرة والتي وصلت تكلفتها للأسر الكبيرة 20000 ل.س ، مادة مكونة من البرغل والعدس وزيت (الزيتون أو النباتي) والبصل وماتستجره من خضراوات لصنع صحن سلطة لئلا تقف اللقمة في الزور إذ كل لقمة فيها غصة ، والأكثرية استغنوا عن صحن السلطة على مبدأ “المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء” حتى يهلك ذاك الغول “الغلاء” وتنقطع أنفاسه والذي بات يهدد حياتنا ويجعلنا نقطع الصلة بيننا وبينها بالشكل اللائق والحر الكريم ، في زمن بات المواطن يخاف من الشبع في يومه الحاضر ليوفر شيئا ًمن طعامه إلى يوم آخر ، يخاف أن يتدفأ اليوم ليحرم الدفء في يوم آخر نظراً لقلة مادة المازوت وغلائها، يخشى من نفاذ اسطوانة الغاز المليئة بالماء والرواسب لينتظر دوره في توزيع المادة لثلاثة أشهر بالتمام والكمال، يخشى المرض وقد فقد نصف دوائه وارتفع الباقي بشكل جنوني، يهرب من هموم فصل الشتاء ليصطدم بحر القيظ كون وسائل التهوية غير مجدية في ظل انقطاع الكهرباء والماء لأيام معدودات، لذلك اتجهت النداءات للعمل على ضبط ساعة الحياة وبيولوجيتها بحيث يستطيع الجسد التكيف مع العوامل الطبيعية كون الشر بات مستطيرا ً يتربص بنا وليس بإمكاننا الغناء له في ظل تردي الأوضاع المادية على كافة المستويات والذي جعلنا نتقلب على حرّ الجمر، وبساط الدعم ينسحب بسرعة عجيبة من تحت أرجلنا، لنشعر بالاستكانة رغما عنا بعد أن تغير الحال تاركاً وراءه إحباطاً ومرارة وخوفاً مسفوحاً تحت راية الغلاء الفاحش .
عفاف حلاس