شاعر وقصيدة خالد الزهراوي و «تذكار »

ثمة شعراء في حمص قلما يعرفهم أحد . ومن هؤلاء الشاعر الراحل خالد الزهراوي وهو باحث في التاريخ أيضاً وله بعض المؤلفات عن تاريخ مدينة حمص . ولد في حمص سنة 1929 م وهو حفيد الشهيد عبد الحميد الزهراوي . درس اللغة العربية على يد شيوخها حتى أتقنها وعلى الرغم من أنه نظم قصائد طويلة ، لكنه كان زاهداً في الشهرة ، لا يحتفل بالنشر . في شعره جزالة الفحول وقوة التعبير وحلاوة الديباجة . فهو لم ينشر ديواناً بل قصائده مبعثرة في المجلات والصحف القديمة وبعض الكتب التي تتحدث عن الحركة الشعرية في حمص وهي قليلة . وقصيدته (تذكار) حصلت عليها مكتوبة بخط يده حيث التقيته مرات عديدة في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضي في نادي ضباط حمص ،حيث اعتاد بعض الأدباء ريادته وكان مديره الشاعر احمد أسعد الحارة . وقد توفي خالد الزهراوي قبل أربعة أعوام ، رحمه الله .
ونستعرض هنا بعض أبيات القصيدة التي تقع في اثنين وأربعين بيتاً .
يعاتب امرأة ما ويقول إن عهده معها كان عهداً خالداً وانه أمضى العمر وفياً …يتذكر هوى مضى وحياة جميلة عندما يأتي الربيع .. ففي نيسان ينتشي القلب وتتوثب الروح ..يقول :
ما على الليل من رنين المثاني
أنا بعضي هوى وبعضي أغاني
قلت لي تدعي عهوداً جنينا
من أفانينها ثمار الأماني
أنت إن تجهلي غرامي فإني
في غرامي سفحت طيب زماني
إن نيسان همه البذل في
الحب ويرضى متعة الأغصان
إن نيسان والطيوب وقلبي
هي في الكون آية الإحسان
وتمضي أبيات القصيدة في سرد ما كان من حب هو اقرب إلى الحب العذري ويذكرنا بالشعراء العذريين ، ..وهو يأسف لأنها تنكرت للذكرى .. فجرحت قلبه ولكن الجرح تسيل منه الأغاني والأناشيد …يقول:
إن يكن ليس بيننا ذكريات
فلماذا سألت قلبي الأغاني
أتظنين أن شعري طيوب
وعقود تهدى لمجد الحسان
كم على الليل من ترنم عودي
في عروق الحياة كالنيران
ويمضي بنا الشاعر الزهراوي إلى آخر القصيدة في عتابه الرقيق لمن هجرته وتنكرت له بكلمات لا تجرح مشاعرها بل تتودد لها فالمحب لا يعرف الكره ولا يعرف الحقد بل يبقى محباً . يقول :
لو تبدى ماضيك في صفحة
الدهر تبدى هواي كالعنوان
لاتقولي أطلال عهد محتها
من ضميري أنامل النسيان
رب حلم وراء إطباق هدب
مستفيق على غد حران
وإذا كان من كلمة أخيرة نختم بها هذه المادة ،فهي أمنية أن تجمع قصائد الشاعر خالد الزهراوي وتطبع في كتاب ..فهو من شعراء حمص الذين أنشدوا لحمص وللوطن …وللجمال والحب .
عيسى اسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار