تحية الصباح .. حبيبتي تتعطر بالمازوت

إنها المرة الأولى التي تطلب فيها حبيبتي قارورة مازوت لتتعطر بها بمناسبة عيد الحب .
عيد القديس – فالنتين – الذي لم نتعرف عليه إلا منذ بضع سنوات فقد ظهر في حياتنا مفاجأة فملأ الدنيا و شغل الناس .. و إنها المرة الأولى التي ألبي فيها طلب حبيبتي لأنني أعرفها تحب أن تتعطر بكل ما هو ثمين و نفيس بعد أن أصبحت عطورات ديورشاليمار و روشا … من ذكريات الماضي السحيق و الجميل .
و للمرة الأولى تطلب مني حبيبتي أن أنظم لها قصيدة تتحدث عن عطورها الجديدة و كلها من مشتقات النفط أو مما يدور في فلكه أو له علاقة قريبة أو بعيدة به، و كان طلب حبيبتي غالياً أغلى من ثمن ليتر المازوت و لا أقول : الحر لأن هذه اللفظة ارتبطت بكل ما هو سلبي و سيئ و ليس آخرها : ما يسمى «الجيش الحر» وإنما أقول أغلى من ليتر المازوت السري السحري الذي يلبس طاقية الإخفاء حيناً و يخلعها حيناً آخر ، فكان أن نظمت وأنشدت :
جرار الغاز و يحك ما دهاها فقد جنت بها الأسعار وثبا
فما عادت تدحرج في الزوايا و لكن تسكن الكفين حبا
و ما عادت روائحها زعافاً و لكن عطرها يغويك صبا
و في المازوت قيل النار شبت و نخشى من رياح أن تهبا
فإن هبت فإن الخبز باك و سلات الخضار تدب دبا
و لا تسأل عن النقل المحنى بحناء الغلاء يخب خبا
و كيف يدير فلاح حصاناً على المازوت بالأسعار شبا
وفي المازوت عطر أي عطر يضمخ جيد غانية فتسبى
فسعر الليتر ثالوث نقي من المئة الحنون و قيل :أربى
قوارير العطور تضج خوفاً من المازوت بالثمن اشرأبا
و قالوا : الكهرباء فقلت : ماذا ؟ أبعد الجلد سوف ننال ضربا ؟!
فواتير سياط من لهيب يكهرب جسمنا ويصك قلبا
فهل ستعيدنا لفتيل كاز به الشحار صب عليك صبا
فحتى الكاز يزهو في فخار فلم يحرز عليه الغاز غلبا
و قالوا : الماء قلت الماء غيث من الرحمن جاد الغيث سكبا
و هذا العام كان الجود فيضاً فكيف نقيس هذا الجود غصبا
و سورية تفيض الخير رحباً فلم لا نترك الفيضان رحبا ؟
أصغت حبيبتي إلى ما نظمت و فاجأ تني بقرارها الحاسم الذي لا يقبل الاستئناف أو الطعن و هو التعطر بالمازوت تارة و بالغاز تارة أخرى و أن تستضيء بنور الإيمان مرة و باللدات مرة أخرى ، فأثنيت على قرارها و انحنيت لها احتراما و لو ملكت قبعة لرفعتها.

د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار