في الزمن القديم كان يطلق على الطبيب لقب (الحكيم) لما يمتلكه من حكمة وخبرة وقدرة على التأثير في الناس وعلاجهم جسدياً ونفسياً لأن أكثر الأمراض وعلى ذمة جدّنا ( الرازي ) منشؤها نفسي ، لذلك كان الناس يقصدون الطبيب ليريحهم نفسياً ثم يعالجهم من أمراضهم المستعصية ، أما اليوم فقد تحولت علاقة الطبيب بمريضه إلى ما يشبه علاقة التاجر بزبونه ، فإن أكثر ما يؤذي المريض نفسياً ويرهقه هذه الأيام هو حاجته إلى زيارة عيادة الطبيب بعد ارتفاع أجرة المعاينات الطبية التي يعجز عنها الكثير من المواطنين في ظلّ ظروف معيشية صعبة فرضتها علينا حرب الإرهاب المقيتة التي هجّر بسببها أكثر من ثمانية آلاف طبيب ، مما سمح لبقية الأطباء المتواجدين في سورية برفع الأجور الطبية مع تباينها بين طبيب وآخر حتى وصلت أجرة المعاينة لدى البعض إلى ثمانية آلاف ليرة سورية الأمر الذي زاد من معاناة المرضى والفقراء العاجزين عن دفع هذه المبالغ وما يرافقها من ثمن الدواء والكارثة الأكبر حين يحتاج المريض إلى ( مرنان) أو تخطيط أو أي إجراء طبي آخر يثقل كاهله ويزيد من معاناته .
وإذا كان التأمين الصحي يشمل الكثير من الموظفين في قطاع الدولة ، فإن فئات كثيرة لا تحصل على هذا التأمين كبعض الشرائح العمالية والفلاحين رغم تأطيرهم في منظمات شعبية ونقابات ، لذلك لا بد من توفير التأمين الصحي لهؤلاء ضمن منظماتهم ، ورفد المشافي العامة بأحدث التجهيزات الطبية اللازمة وتخفيض أسعار الصيانة لتوفير العلاج للجميع.
ولأن كلمة الحق تقال فإن إجراء أعقد العمليات الجراحية في مشافينا دليل على أن الواقع الطبي في سورية بخير، والخطوات المتخذة لإقامة مراكز طبية في العديد من المحافظات السورية تضاهي بأهميتها المراكز العالمية هي خطوات تدفعنا للتفاؤل والأمل بأن تبقى مهنة الطب مهنة إنسانية بحته هدفها الأول والأخير صحة الإنسان التي لا تقدر بثمن .
سمر المحمد