تفعل الحياة فعلها عبر مجموعة من عوامل متداخلة , ما بين المرء وواقعه المعيش , والحاجات على تنوّعها , ما بين مادّية , ومعنوية تعبّر عن ذاتها من خلال عوالم من قدرات وآمال , و رغائب, وقيم ذاتية من حب ومحبة , وطمأنينة , وموضوعية من معطيات تأثر وتأثير وفق التناسق ما بين جانب عضوي , وآخر جدلي , وفي كليهما معاً , تتأتى الحياة مشروع مسار ضمن توكيد لفاعلية المرء , وهو يدرج معتمراً ثوانيَ العمر , ووقع الخطا إرادة سعي , حيث الكدّ مقاربة كل غاية , وصيرورة كل مأرب … وما بين دلالة وجود المرء بقوة الخَلق , ووجوده بقوة الفعل من خلال حيويته التفاعلية يكون الحيّز المتجدد فضاء تعبير ذاتي بما يندّ عن صاحبه من تمثّل وعي , واتقاد وجدان , وجملة من خبرات ومهارات , وآخر موضوعي حيث قطاف التواصل البنّاء وعي تفاعل إنساني جميل , إذ الإنسان “قيمة كبرى” و “وفيه انطوى العالم الأكبر”. وهذا يتراءى بذار حقول من جهد , و بيادر جني من حصاد , وما بين كليهما سردية تأريخ لأحداثٍ وحوادث و أعمال , علامات الترقيم فيها محطّات يشار إلى صاحبها بالبنان , وفي جماليات التقييم ثمة توقّف وكثيرٌ من إيماءة لتقدير يتشاطره عقلٌ رزين موضوعي , ووجدان صقيل العاطفة الناضجة المثقّفة باحترام الذات معيارية إنصاف لذاتها , وتميّز غيرها , فيتلاقى الجمال ما بين غنى نفس في امتلاء ذات تُقدّر , ومساندة نفسية واجتماعية لذاتٍ ديدنها صدق الجد في تمثّل كل أداء نوعي لافت في حذاقة إنتاج في عمل , أو نتاج في مطارحة فِكر و أفكار . ليكون ذاك التلاقي الجمالي نضارة تأمل في سَعة الفائدة المحفّزة صوب كل غابة , ومآل كل رجاء وإذا ما فعلت الحياة فعلها في كينونة صيرورتها مدى أرحبَ ثباتاً من إنسان يذرعها ذهاباً و إياباً إلى حين , زاده حميّة اجتهاد , وصروف وظروف , وقدرات , وواقع تدرّج فروق فردية فإن ثنائية النضائد المنسّقة المتماهية ما بين إنسان وإنسان , وبكليهما مع الحياة سموّ خلاصات تبحث عن مزيد من مؤونة خير وتسامي جمال معرفي , قيمي , يُترجم واقع تعاضد , عدالته كسب خبرة لغيرها , باغتباط نجاح بنجاح , فتصير فاعلية التأثر والتأثير للحياة معطى انتباه في غنى , وحيثيات التواصل مغانم توادّ , وفي مطارح القناعات صوى , ومناط القول في تأسيس كل قيمة في فضائها المعنوي يكون ذلك مركوز قيمة تتقرّاها البصيرة وهج ضياء , وفي البصر حجر أساس لصرح كل ما يوطّد جمال الرّقي في بوح فكرة , أو تمثّل أداء. بذلك الامتلاء النفسي تجارب ومعارف وخبرات ونبالة حضور , وجودة مهارات وإعمال تفكير , ومبادرات, و فساحة من جمال ذاتي مشبع بثقة المرء بذاته موضوعيّاً , وإدراكه لرونق البهاء تماهياً بنسج مجتمعي أخّاذ الرؤى والتصوّرات المثابرة فرح كل عمل , وسعادة كل خير يكون التكامل وعياً جمعي التعاضد , وتميّز كل فرد فيه عبر جوانب الحياة , هو ثروة قطاف , نفعُه تلك القطوف الدانيات لمؤونة مجتمع , ومنطق القيم , وواقع الفعل , هو هكذا في ثنائية كل تقدّم وتطوّر , واغتباط الوجدان السامي في حبّ الخير , والنجاح مع كل نجاح .. إن هذا الامتلاء المشبع بدفء عوامل ذاتية , وموضوعية , وصقيل روائز العقل والتفكير لا يفسح في المكان مجالاً لأية ثغرة أو فجوة تنال من صاحبها ضيفاً أكانت إجرائية وهن من حسد أو ضعف في قدرات , أو عجز في أداء فيسقط ذلك حطباً رطباً من نميمة في لوك مفردات دون طائل , أو يتعثّر في صوغ قليل كياسة في تقدير , أو إعمال بعض تجاهل في موقف ظنّاً منه أنه وجد في ذلك بعض تنفيس , عساه يرمم وهناً أوقع ذاته في حيائله , مستفيداً من ضمير الغائب ساحةً … إن إدراك المرء مسؤوليته تجاه ذاته , وغيره , والحياة تقتضي المزيد من مضاعفة الجهود , والاعتمادية على الذات دفعاً لقدراتها , فبذلك تنهض من كبوة ضعف , فتتساوق فرحاً بمقاربة حضورها إلى غيرها . لاشكّ أن بنائية الذات دسم التعبير عن إرادة الحضور بالفعل , وهذا يغني التماثل الجمالي رفعة حضور إلى حضور . إن كل عمل مادي أو معنوي , مهما عُمّرت مداميكه بمهارات متنوعة , أو فِكر صيغَ بعبارات ملوّنة , أو جمل بقلائد مجوهرة , وانسربت في أعطافه سيولة ذهنية من أفكار و رؤى و ابتكارات , فإن جمال كل منهما يزداد طرداً من تعاقب الزمان ماضياً عراقة , وحاضراً و مستقبلاً المزيد من التأملات في بعض وجهات نظر , أو قيم مضافة .. هي حال الحياة في فعلها , وحال الإنسان في تجدد إبداعاته , والثقافة والمعارف والمهارات في إيماءات نبوغها … وكذلك يكون الجمال الموضوعي لامتلاء النفس في غناها سعادة إصغاء جيد مفيد عبر فِكر نثري إذ ” مسُّ الثرى خير من السّراب “.
نزار بدّور