الحرف التراثية في حمص مهددة بالاندثار .. حرفيون :صعوبة تصريف المنتجات والرسوم و الضرائب مرهقة و المردود ضعيف..
تعد الحرف والمهن اليدوية بمثابة بطاقة تعريفية بتاريخ الشعوب والأمم وحضاراتها على مر العصور .
و ابتكرت بعض الشعوب مهناً و حرفاً عرفت بها و لبت من خلالها الحاجات الضرورية بما يتناسب مع طبيعة بلادها, ووضعت عليها بصمتها من فن وإبداع وإتقان.
وفي سورية أثرت الحرب على الكثير من الحرف و المهن التراثية التي كانت موجودة و يتغنى بها أهلها وبدأت بالتراجع …واليوم تعمل مختلف الجهات على إعادة الألق لهذه الحرف في ضوء الإمكانات المتاحة كي لا تندثر …
مع الحرفيين
التقت “العروبة ” عدداً من الحرفيين في مواقع عملهم في السوق المسقوف واطلعت على أعمالهم والصعوبات التي يعانون منها وتطلعاتهم المستقبلية .
الضرائب … لا تتناسب مع الدخل !
الحداد أبو مصطفى يقول : المجتمع بحاجة لمهنة الحدادة اليدوية ويوجد إقبال جيد لكن مردودها قليل … وإذا بقيت الأمور على هذه الشاكلة فسوف تندثر…
و أضاف : ورثت المهنة عن أجدادي وما زلت أعمل بها ولكن اليوم وبعد الحرب وفي ظل الحصار الاقتصادي نجد أن الضرائب تفوق المردود .
أبو محمد صاحب محل لصناعة وبيع القطع النحاسية قال: أعدت افتتاح المحل منذ فترة زمنية قصيرة … ولكن جيراني من أصحاب المهنة ذاتها لم يعودوا ! قد يكون السبب عدم وجود زبائن و التسويق لا يلبي الطموح بسبب الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الجميع , فمنذ أسبوعين لم يطرق بابي زبون واحد ولم أبع ولا قطعة واحدة … في الوقت الذي سأدفع فيه ضريبة مرتفعة .
و أضاف :نتمنى استكمال أعمال سقف السوق حتى سوق النحاسين … و تخفيض نسبة الضرائب المفروضة وإلا سنضطر يوماً لتغيير هذه المهنة!
-أبو خالد يعمل في صناعة العباءات المطرزة يدوياً قال : عدت إلى محلي منذ سنتين و لكن الخدمات ما زالت غائبة و أهمها الكهرباء و الهاتف.
فساعات وصل التيار الكهربائي غير كافية لإنجاز أعمالي مع أنه يوجد إقبال على الزي العربي … أتمنى تشجيع التجار على العودة إلى محالهم .. إذ يوجد حوالي ستة محال في السوق لصنع العباءات وزخرفتها يدوياً ..
وأقترح إحياء وإنعاش السوق القديم من خلال نقل مركز تجمع باصات النقل الداخلي إلى وسط المدينة كما كان سابقاً.. بمعنى أن تعود حركة الناس إلى السوق المسقوف وتشجيعهم على التسوق منه!.
غير مربحة
أبو عدنان – صناعة العباءات الصوفية- قال: عدت منذ سنتين إلى المحل أنا وثلاثة فقط ممن يعملون بهذه المهنة… ولكن للأسف لا يوجد إقبال من قبل المواطنين على الشراء . ..
وتابع: تركت هذه المهنة 20 عاماً واليوم عدت لها ” مجبر أخاك لا بطلا” فهي مهنة أبي وجدي , علماً أنها متعبة و ظروف العمل فيها متقلبة وغير مربحة .
-أبومحمد – صناعة العباءات الصوفية قال : صعوبات كثيرة تعترض هذه المهنة, منها ارتفاع نسبة الضرائب المفروضة و لا يوجد تسويق للمنتجات … ويوجد عدد قليل من المحال تقوم بتصنيع العباءات الصوفية لأن العمل فيها يتم خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول كون الفروة لا تلبس إلا شتاءً كما أن الجلد بحاجة إلى ظروف معينة لتصنيعه من تنظيف وتجفيف وتخمير وصناعة وقص وخياطة وتطريز وغير ذلك لذلك أولادنا يهربون من هذه المصلحة …!!
جمعية التراث حديثة العهد
كما التقت “العروبة” أحمد الكردي رئيس جمعية التراث فقال :الجمعية محدثة منذ عام وهناك معوقات لإشهارها إذ أن عدد أعضائها 15 عضواً جراء الحرب وهجرة البعض ووفاة آخرين.
ومن الضروري تواجد الحرف التراثية من أجل التعريف بتاريخ وتراث البلد فهي هويته ولكل جمعية خصوصية تجمعها حرفة أو مهنة واحدة .
واليوم نشجع على تفعيل الحرف اليدوية الريفية كونها غنية بالتراث و الأصالة …
كما التقت “العروبة” مع رئيس المكتب الاقتصادي في إتحاد حرفيي المحافظة فواز الدرويش فقال : نحاول معالجة ما أمكن من الصعوبات التي تواجه الحرفيين وفي ضوء الإمكانات المادية المتواضعة وقد أخذت هذه الحرف بالعودة إلى الواجهة في السوق ولو لم تكن بالشكل الكافي إلا أن البداية ضرورية كي لا تندثر فالحرب دمرت ما دمرته وتأثر أصحاب هذه المهن كغيرهم كثيراً فهاجر بعضهم واعتكف غيرهم وتوفي آخرون عدا عن الحرب الاقتصادية وارتفاع الأسعار المضطرد وطمع التجار وهجرة اليد الماهرة إضافة إلى انعدام المبادرات الذاتية .
نبيلة إبراهيم