ذكرى …. وتحية …!!

لم أعرف الراحل محمد غباش عن كثب ، ومعلوماتي عنه من خلال وسائل الإعلام ومن أحاديث الناس و( ألسنة العباد أقلام الحق ) كما يقولون . لقد اجتمع الرأي أنه كان حازماً وعطوفاً بآن معاً ، يسمع ويناقش وكان متواضعاً تواضع السنابل الملأى بحبات الحنطة فكان كأي موظف في وزارته ، وقد تسلم مناصب وزارية عديدة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي( وزارة التموين –وزارة الداخلية –وزارة الزراعة ).
وقد شاع بين الناس أن الوزارة التي تعاني الفوضى والضعف في الأداء تحتاج إلى محمد غباش – رحمه الله -.
وقد حدثني قريب لي عمل سائقاً لدى غباش لسنوات طويلة أنه كان يمضي سبع عشرة ساعة على الأقل يعمل في مكتبه ، وكان فجأة ، يقوم بزيارات تفقدية للفروع والمديريات التابعة لوزارته يكافىء المجد ويعاقب المقصر .
وعندما أطلق القائد المؤسس حافظ الأسد شعاره: ( نزرع مما نأكل ) رداً على الحصار الجائر من دول الغرب على سورية في ثمانينيات القرن الماضي ، كان محمد غباش وزيراً للزراعة . وقد أعدت وزارته خطة زراعية متكاملة . وكان على غباش متابعة تنفيذ الخطة على أرض الواقع . وأذكر أنني رافقته مع عدد من الإعلاميين إلى بعض مناطق ريف حمص وكنت أعمل مراسلاً في صحيفة البعث ، وقد فوجئ غباش بأن هناك من لم يلتزم بالخطة .. فأحالهم إلى القضاء والتفتيش وأحال معهم بعض المهندسين الزراعيين من الوحدات الزراعية الإرشادية لإهمالهم بمتابعة الخطة الزراعية وتنفيذها .
فالأرض المقرر زراعتها بالقمح تزرع بالقمح .. والأرض المقرر زراعتها بالقطن تزرع بالقطن .. وهكذا . أما الأرض التي تترك بلا استثمار .. فيحال مالكها إلى السجن ..!!
وهكذا استطعنا الصمود بوجه الحصار وكسر وقفز محصول القمح إلى أكثر من ضعفين .. ووصل احتياطنا الاستراتيجي من القمح ما يكفي لعامين قادمين …!!
اليوم ، الخطط يفترض أن تكون جاهزة ومتكاملة بناء على الدراسات الفنية .. لكن هل التنفيذ ومتابعة التنفيذ يحصل على أرض الواقع ؟!!
ماذا ينقصنا ؟!!المهندسون الزراعيون لا يجدون مكاناً يجلسون فيه في الوحدات الزراعية الإرشادية ، والفلاحون أصحاب القرار عبر الجمعيات الفلاحية .. والغراس متوفر .. والبذار متوفر .. واليوم نعاني آثار الحصار .. فهل ننتصر عليه بجهودنا وعملنا المخلص لاسيما في مجال الإنتاج الزراعي
نريد لصوامعنا أن تمتلئ بالقمح .. ولمحالجنا أن تمتلئ بالقطن فأول محراث خشبي كان في الساحل السوري وكذلك أول حبة حنطة كانت هنا…!!.
اليوم بدأت مراكز الأبحاث تدرس عوامل الصمود السوري بوجه المؤامرة في جامعات العالم .. ونريد أن يدرسوا عوامل الصمود السوري بوجه الحصار الاقتصادي الجائر اللا إنساني على شعبنا .. فهل نستثمر كل الإمكانيات المتاحة بالاعتماد على الذات والتفاني والإخلاص في العمل ..
وننتصر على الحصار كما انتصرنا في الميدان .. فنرد كيد الأعداء .. وتبقى سورية – ونثق بذلك – رافعة رأسها شامخة بين الأمم .

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار