التعليم المهني نافذة اقتصادية نحو المستقبل… يطلق العنان للإبداع والابتكار … ومقيد بالنظرة المجتمعية !!

يحتل قطاع المهن التطبيقية أهمية اقتصادية كبرى منذ الأزل فالسباكة والحدادة و النجارة والبناء و الحرف المختلفة أعمال ليست وليدة الوقت الحاضر فحسب وليست مقتصرة على سوق عمل دون آخر وإنما هي أساس أي اقتصاد سواء كان ناشئاً أو نامياً أو متقدماً و لنذهب أبعد من ذلك فإن التعليم المهني يعتبر الأوفر حظاً في الدول المتقدمة صناعياً..

ومن هنا برزت أهمية التعليم والتدريب المهني والتقني في سائر أنواع التنمية الاجتماعية والبشرية والاقتصادية والمجتمعية….وذلك لأهميته في توجيه وتخصيص الجهود في جوانب محددة ، واعتبر أقصر الطرق للحصول على عمل ، من حيث مدته الزمنية القصيرة نسبياً، وكلفته التعليمية المناسبة للأفراد ذوي الدخل المحدود ، كذلك من حيث تنوع البرامج المطروحة، والمحفزات التشجيعية للالتحاق بها ، إضافةً لكونه التعليم الذي يطلق العنان للهوايات ، والإبداع ، والابتكار، والاستقلالية في العمل ، نتيجةً لاعتماده على اختيار الفئة المستفيدة ، بناءً على قدرات الأفراد ومهاراتهم المختلفة والمتباينة..
مساهم في إعادة الإعمار
لمع نجم المدارس المهنية بحمص من خلال عدد من عقود الصيانة وتصنيع المقاعد الدراسية وهو أمر فيه مصلحة كبرى للطلاب لتنمية مهاراتهم العملية وتعزيز خبرتهم وإدخالهم سوق العمل بالشكل الصحيح الذي يضمن وجود مهنيين وحرفيين متمكنين..
و مؤخراً تم إيفاد مدارس الريف الشمالي بستة آلاف مقعد مدرسي تتميز بالجودة العالية وفي تصريح للعروبة ذكر المهندس محمد عبود معاون مدير التربية لشؤون التعليم المهني بأن الغاية الأساسية هي تأهيل الطلاب ليكونوا حرفيين وصناعيين ومهنيين ناجحين …
مشيراً إلى أن التعليم المهني بحمص نظام تعليمي موجود في وزارة التربية إضافة للتعليم العام بأنواعه وهو معتمد لدى وزارة التربية الذي تدعمه لأنه حاجة ضرورية وأغلب دول العالم تعتمد عليه ليساهم في نهضتها وعمرانها و تطورها..
وأضاف : نعمل حالياً لتفعيل كافة المهن المتواجدة في الثانويات الصناعية لتكون أقساماً منتجة تساهم في إعادة إعمار ما تم تخريبه على أيدي المجموعات الإرهابية وفق ماتقتضيه التعليمات التنفيذية للمرسوم رقم 39 و الذي ينظم هذه العمليات , و في هذا الإطار تم تخصيص عدة أقسام ومنها قسم النجارة و الأثاث بسبب وجود نقص حاد في الأثاث المدرسي ناتج عن الأعمال التخريبية للمجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تواجدها في بعض المناطق و بخاصة في الريف الشمالي..
هدف مهني
وأشار عبود إلى أن قسم النجارة تحديداً يقوم بتقديم كل ما يلزم من أثاث مدرسي على تنوعه من مقاعد مدرسية وطاولات معلم صف ومكاتب وألواح سبورات وطاولات صغيرة …
مؤكداً بأن وزارة التربية ورّدت أحدث التجهيزات للأقسام العملية بالإضافة إلى مواد أولية من الأخشاب و التصميم معتمد للمقعد الدراسي حسب المرحلة و مدروس من قبل لجان طبية مختصة , و تم مؤخراً تزويد المديرية بكل ما يلزم من أثاث مدرسي وصلت حصة الريف الشمالي منها إلى ستة آلاف مقعد مدرسي أوصلت للمدارس بعد التحرير مباشرة ..
وتحدث عبود بأن التكلفة تقل عن السوق بنسبة تصل إلى خمسين بالمئة من السعر الحقيقي مؤكداً بأن السبب في هذا الفرق هو عدم وجود فكر ربحي و إنما العمل خدمي و مهني بحت…مشيراً إلى أن تكلفة المقعد الدراسي الواحد 20 ألف ليرة بينما تكلفته في السوق تصل إلى خمسين ألف ليرة سورية مؤكداً أن السعر تحدده أسعار المواد الأولية من حديد وخشب وبراغي و دهان …. وغيرها.. و المقاعد المصنعة تسلم لشعبة اللوازم بمديرية التربية و يتم توزيعها على المدارس حسب الحاجة ..
وأضاف: يتم العمل حالياً على تحضير أثاث مدرسي لمدارس مدينة تدمر و السخنة (مدارس المنطقة الشرقية) ..
وفر بالملايين
وفي حديثه للعروبة ذكر المهندس علاء محسن مدير ثانوية أيهم راشد ديوب المهنية بأن الثانوية نفذت عقدي صيانة خلال عامي 2016 و 2017 بما ينسجم مع المرسوم 39 لعام 2001 والقرار الوزاري رقم 443 / 1 لعام 2005 والذي يعتبر بمثابة تعليمات تنفيذية للمرسوم المذكور و يسمح للثانويات المهنية و المعاهد بتنفيذ مشاريع إنتاجية بمشاركة الطلاب بهدف زيادة التدريبات العملية للطالب وتنمية قدراته بالإضافة لمردود مادي للطالب و المدرسة ..
و بناء عليه تمت دراسة صيانة شبكة التدفئة المركزية لمبنى أمانة سر المحافظة المؤلف من طابقين وملحق و بعد تشكيل لجنة من قبل الفنيين بالثانوية برئاسة المدير تم تقديم دراسة فنية كاملة مع الكلفة و بلغت تقديرياً 8 ملايين ليرة سورية… وتمت إعادة الكتاب من المحافظة للثانوية لبيان إمكانية تنفيذ صيانة جزئية لعدم توفر الإمكانيات وتم إعادة الدراسة والاتفاق على تنفيذ صيانة جزئية للشبكة (الدارة) بقيمة 3 مليون و 200 ألف ل.س وبمدة زمنية 45 يوماً وفق بنود العقد في عام 2016 , و أكد محسن أنه تم تنفيذ الأعمال كاملة وفق شروط العقد و ضمن المدة الزمنية المحددة ..
و بعد حساب أرباح المشروع التي بلغت مليون و 294 ألف ليرة اقتطعت حصة الثانوية التي تساوي 50% من الأرباح و بلغت 647 ألف ل.س تودع في حساب رأسمال المشاريع الإنتاجية في البنك التجاري – وفق قرار السيد الوزير – وتستثمر لاحقاً بتنفيذ مشاريع إنتاجية أخرى كرأسمال للمشروع أو عدد من المشاريع..
ثم اقتطاع حصة الإداريين بنسبة 20% من الربح الصافي لتكون حصة الطلاب و المدرسين بنسبة 80% من الأرباح و التي بلغت 517 ألف ل.س منها 172 ألف ل.س حصة الطلاب فقط تم توزيعها عليهم حسب عدد ساعات عمل كل منهم سواء للطلاب أو للأساتذة .. والتي كانت بحدها الأقصى 4-5 ساعات عمل خارج أوقات الدوام ..
مشيراً إلى أن نصيب الطالب بالحد الأدنى كان 660 ليرة في اليوم الواحد مشيراً إلى أن أكبر رقم عمل كان 13 يوماً تقاضى فيه الطالب أجراً يساوي 8580 ليرة …
وعن مشروع صيانة شبكة التدفئة في مديرية التربية ذكر محسن أنه تم الطلب من إدارة الثانوية بكتاب رسمي لدراسة إمكانية تنفيذ صيانة التدفئة المركزية لمبنى المديرية بحمص و بعد الاطلاع على دفتر الشروط الفنية و الكشف على الموقع تمت الموافقة و التعاقد مع المديرية لتنفيذ المشروع وهو عبارة عن صيانة شبكة التدفئة المركزية بموجب عقد محدد صدق بمجلس المحافظة و كانت المباشرة في 10-1 -2017 ولمدة 74 يوماً , وتمكن الطلاب و المدرسون من تنفيذ العقد بالمدة المحددة ,وأشار محسن إلى أن كلفة المشروع الإجمالية كانت 3 مليون و 898 ألف و حقق ربحاً مقداره 600 ألف ليرة اقتطع منها 20% حصة الثانوية كون المشروع تابع لمديرية التربية و بلغت 120 ألف ل.س و وصلت حصة الطلاب و المدرسين إلى 383 ألف ل.س , لتكون حصة الطلاب 127 ألف ل.س وزعت على الطلاب حسب ساعات العمل ,أما حصة الإداريين كانت بحدود 95 ألف ل.س ..
و لابد من القول هنا – و الكلام للمحررة- :إنه وفق حسابات عديدة لمتعهدين من القطاع الخاص فإن المشروعين اللذين نفذتهما الثانوية حققا وفراً بالملايين لمصلحة الجهة المعنية وذلك إذا تم حساب التكلفة و أجور اليد العاملة وفق حسابات السوق ..وهو أمر إيجابي يحتسب للطلاب ومدرسيهم في الثانوية ..
تجربة يتيمة
وتحدث محسن عن تجربة يتيمة لم تبصر نور التسويق لعوامل عدة حيث تمكن طلاب الثانوية من تصنيع براد يضاهي بجودته البرادات الحديثة لكنه بقي إنجازاً يحتسب للطلاب بعيداً عن السوق وعزا محسن أن السبب يكمن في التكلفة العالية كون الإنتاج كان لقطعة واحدة أي أن استجرار المعدات لزوم التصنيع كان بسعر المفرق, و أكد محسن أنه لو وجد داعم مالي جاد أو مسوق قوي بالتقسيط مثل نقابة المعلمين أو المؤسسة السورية للتجارة لعرض المنتج في صالاتها لتغير الوضع للأفضل, مؤكداً بأن أحد العوامل الأساسية في ارتفاع سعر البراد أو أي منتج آخر بالأسواق المحلية هو إحدى مواد القرار المنظم لعملية الاستثمار في الثانوية المهنية حيث تضاف نسبة 50% من قيمة المواد الأولية الداخلة في عملية التصنيع و أجور ساعات العمل و بدل استهلاك الآلات و التجهيزات لقيمة المنتج و تقتطع فوراً لحساب الثانوية وهذا الإجراء يزيد من كلفة الإنتاج بشكل كبير و يجعلنا بعيدين عن المنافسة إلى حد كبير..
دعم لابد منه
وتحدث محسن عن ضرورة دعم الثانويات المهنية بتوجيه القطاع العام للتعاقد معها لإنجاز أعمال ذات تكلفة تقديرية متوسطة بحدها الأقصى خمسة ملايين كبداية , خاصة و أن الطلاب بعد الخبرات التي اكتسبوها أصبحوا قادرين على تقييم أي عطل.
كما أنهم قادرون على تنفيذ صيانات لأي دارة تدفئة أو أي دارة تكييف مركزي وأي نوع من المكيفات و البرادات و الأدوات الكهربائية بالإضافة لصيانة أي جهاز الكتروني ,وتقديم قطع منفذة على المخارط والمفارز (آلات تشغيل) ,و تنفيذ قطع على الآلات المبرمجة حديثة cnc مشيراً إلى أن الطلاب أجادوا العمل في هذه المجالات منوهاً لضرورة أن تكون الثانويات المهنية ذات هيئة مستقلة عن مديرية التربية وخاصة بالأمور المالية …
كما تحدث محسن عن التجهيزات للمشاركة بمعرض دمشق الدولي بحوالي تسعة مشاريع.
17 مهنة متنوعة
وأوضح عبود أنه يوجد في حمص 21 ثانوية صناعية و 14 ثانوية تجارية وعشرين ثانوية نسوية ومدرسة تعليم تشاركي , ويتم تعليم 17 مهنة في الثانويات الصناعية وهي مهن التقنيات الالكترونية وتقنيات كهربائية و مياكاترونيكس و اتصالات و تقنيات حاسوب و تكييف و تبريد وتدفئة وتمديدات صحية و لحام وتشكيل وميكانيك سيارات و ميكانيك آلات زراعية و الخراطة و السباكة والنجارة ومهنة التجميل بالنسبة للتعليم النسوي الخياطة بالإضافة إلى مهنة التجارة … و يوزع الطلاب على كافة المهن بالتساوي وفق مفاضلة وحسب العلامات..
و يتم تدريس مناهج التعليم المهني لتأهيل أطر كفوءة كل حسب اختصاصه فالطالب من اختصاص الميكانيك قادر على التعامل مع أي آلية بنزين أو ديزل.
و أكد أن كل مخابر الثانويات مزودة بأحدث التجهيزات ومنها سيارة بانورامية و كل أنظمة الفرملة الحديثة موجودة و مقاطع محركات بالإضافة لمحركات جاهزة و يتم تدويرها لفحص الضغوط وعيار الزيت و عيار الصباب , كما توجد آليات حديثة في مخابر التكييف و التدفئة و التصنيع الميكانيكي…
تعليم تشاركي
وتحدث عبود عن نظام التعليم المزدوج وهو تشاركي مع وزارة الصناعة تدخل فيه مهنتا التصنيع الميكانيكي و صناعة الألبسة وفي حمص يتم تدريسه في مدرسة الشهيد سمير محمود بالأرمن.
و أضاف :إن التعليم فيه عن طريق نظام تشاركي مع غرفة الصناعة حيث يتلقى الطالب القسم النظري في المدرسة و التطبيق العملي في معمل للقطاع الخاص ضمن عقد عمل نظامي ضمن خطة درسية محددة و تجرى الامتحانات بمراقبة لجنة مشتركة ما بين الصناعيين و اختصاصيين بالتعليم المهني ,مشيراً إلى أن غرفة الصناعة تتبنى الطلاب المتميزين و تؤمن لهم فرص عمل جيدة.. مشيراً إلى أنها طريقة جيدة لاستثمار التعليم المهني بالسوق المحلية..علماً أنه بدأ منذ عام 2004 و يشهد إقبالاً جيداً و يرفد سوق العمل بأفضل عمال و بمهارات علمية و متقدمة و عالية
تميز 9 من 15
وتحدث عن مشاركة طلاب التعليم المهني بحمص في معرض الباسل للابداع والاختراع بخمسة عشر تجربة حصلت تسع منها على جوائز متقدمة وحصل المشاركون على شهادات ومكافآت وتميزوا خلال المعرض , وأشار عبود إلى قيام بعض التجار بشراء البراءات و لكن بمبالغ زهيدة بالنسبة للأفكار و تميزها ,وهو أمر فيه إجحاف بحق الطلاب خاصة الذين تمكنوا من التعامل مع الأفكار الموجودة بالمناهج بطريقة مختلفة و مبتكرة..
تنمية المهارات
كما تحدث عبود عن المشاغل المهنية بمرحلة التعليم الأساسي حلقة ثانية و التي تهدف لتنمية مهارات الطلاب بشكل عملي وذلك بإشراف متخصصين لتوسيع مدارك الطلاب وتعريفهم بالتعليم المهني ..
أخيراً
اليوم وفي السباق المحموم مع الزمن لإثبات الوجود و الوصول إلى حالة متميزة من النشاط الاقتصادي لابد من إيلاء التعليم المهني الأهمية التي يستحقها على اعتباره النافذة المشرقة لمستقبل صناعي مدعوم بالعلم والمهارة و التدريب ..
هنادي سلامة