معظم الأمراض التي تجتاحنا على حين غرة وأضعفها الرشح والكريب تخجلنا أمام راتب ملوي الذراع بل بذراع واحد وربما نصف ذراع ونمضي معه بقية الشهر « تدفيش» لايكون فيه للمدعو « الراتب » الضيف مكان للكيف ولا لغدرات الزمن بل على سفر عاجل يمضي لايطفىء فيها من نار الطلبات سوى القليل القليل .. فكيف نعالج به صرخة ألم ومعاناة من أمراض نقول أضعفها الرشح والكريب وتبعاتها من التهاب قصبات وذات رئة وحرارة وألم بطن ،.. وفي هذه الزاوية الصغيرة لن ندخل في البرد الذي هو أصل كل علة ولافي الأدوية التي بات معظمها لايشفي عليلاً ومثل « قلتها » حتى الدواء دخله الغش والفساد ابتداء من السيتامول حتى حبوب الضغط ولن نتحدث عن سوء التغذية في زمن أزمة أكلت الأخضر واليابس ولا في الثقافة الصحية التي يفترض أن تطال المجتمعات الأهلية والمدارس والتي من الضروري بمكان أن تخصص برعاية ومراقبة صحية استدراكاً للعدوى بين الطلبة ..
سنرفع عتبنا على المستوصفات الصحية ، ملاذ المواطن الفقير ، المسكين الذي يقصدها بسبب ضيق ذات اليد ويعلم هذا المواطن وعلمه هذا لم يأت عن عبث بل عن خبرة ودراية بأن الأطباء « الملائكة البيضاء » الذين تعاقدوا مع هذه المستوصفات كانت غايتهم الأولى « عصفور باليد أحسن من عشرة على الشجرة « بمعنى حصولهم على راتب حكومي لقاء تعاقدهم مع هذه المستوصفات والمشافي الحكومية كذلك .. إلى هنا تبدو الأمور شبه طبيعية لكن ما هو غير طبيعي أن معظم هؤلاء الأطباء لا يتواجدون فعلياً في المستوصفات ضمن الدوام الرسمي من الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية بعد الظهر وتعاقدهم « تنفيعة » يداوم الطبيب حوالي الساعتين – إذا داوم – ويغادر على عجل إلى عيادته الخاصة التي فيها الدسم والمواعيد التي نظمت فيها
لا يتخلف عنها مهما كان السبب .. نعم …..هكذا هي المراجعة للمستوصف – غالباً – تكون دون جدوى والطبيب غير مؤهل نفسياً وإنسانياً للعمل بضمير مهني صادق ضمن المستوصف نقول معظمهم هكذا يوردون الإبل .. وإذا تواجد الطبيب وتكرم بالمعاينة فإنه يشعرك أنت المريض وكأنك تتسوله وكلامه بالقطارة هذا إذا لم يدعوك لمراجعته في العيادة تصريحاً أو تلميحاً وربما بعد انتظار لساعتين تخرج منتكساً نفسياً لعدم جدوى المراجعة أو العلاج القاصر .. وتسأل عن هذا الحال غير الصحي في زمن نحن بحاجة فيه إلى دفء مشاعرهم وإنسانيتهم .. فما هكذا تورد الإبل يا …؟!
العروبة –حلم شدود