انتشرت في حمصنا العدية مدينة الشعر والشعراء ظاهرة الملتقيات الثقافية في كل حي مؤكدة على عراقة أم الحجار السود في صناعة المبدعين الذين يجعلون من التزود بالأدب والثقافة هاجساً يومياً في وجه حملات التضليل, وتلك النوادي الأدبية ما لها وما عليها من ملاحظات خاصة في ظل انعدام وجود مدقق لغوي أو ناقد يقدم هذا ويؤخر ذاك ,مما جعل بعض رواد تلك النوادي يعتقدون أن ثمة ما يشوب تلك التجارب من جهة تقديم من لا يستحق وقد أثير موضوع النوادي الأدبية في جلسة النقاش التي تمت في مديرية الثقافة حول الواقع الثقافي حيث أشارت إحدى المداخلات إلى أن ظاهرة انتشار النوادي الأدبية في حمص تؤشر بوضوح على قصور المؤسسة الثقافية الرسمية (مديرية الثقافة وفرع اتحاد الكتاب العرب )عن مواكبة الشارع لا سيما في ظل الحرب التي تشفّ فيها القلوب والأرواح المكتوية بالفقد والحزن ولمناقشة تلك الأمور التقينا عدداً غير قليل من مؤسسي تلك النوادي .
نعوِّل على المنتديات
انتهى نشاط الصالون الأدبي الذي كان يديره الأديب سامر أنور الشمالي في مكتبته الخاصة مع بداية الحرب الكونية على سورية نظراً لتعثر ظروف الالتقاء مع الأدباء والمثقفين وعن تجربته تلك يقول : اللقاء الأدبي الذي أشرفت على إدارته لسنوات طويلة خلت ، هو نشاط اجتماعي ذو طابع أدبي ، وكان مفتوحاً لأي راغب بالزيارة والتعارف ، وقد توقف خلال الحرب لأسباب لها علاقة بظروف البلد الصعبة ولا أفكر حالياً بمعاودة هذا النشاط .
وعن أهمية تلك المنتديات في تقديم أسماء أدبية جديدة في عالم الكتابة قال :
من الملاحظ أن تلك النوادي لا تقدم أسماء غير معروفة إلا في القليل النادر وهي من المفروض ألا تحتاج لترخيص لأن نشاطها ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي وأنا مع أي نشاط من هذا النوع فهو سمة جميلة كثرته تدل على تنامي الوعي الثقافي حتى لو بدت معظم النتاجات المقدمة في تلك النوادي على سبيل الموهبة وليس الاحترافية .
قصب السبق
ولد ملتقى الثلاثاء الثقافي في الزمن الصعب فعقد أولى جلساته في 14/2/2013 عندما كانت القذائف والمفخخات تفرض على الأغلبية الإحتماء بالمنازل وقد انبثق عن النادي عدة ملتقيات أُخرى كان لنادي الثلاثاء الثقافي قصب السبق في التأسيس ,حدثنا مؤسسه الأديب نبيه اسكندر الحسن وهو عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية القصة والرواية وله العديد من المطبوعات لا مجال لذكرها في هذا المقام التقيناه فقال: ارتبط نادينا بزمن قاس جداً ومن هذه الظروف استوحينا فكرة النادي فقد كان الوسط الثقافي الحمصي بأمس الحاجة للقاء والحوار فكل من كان يحضر تلك الجلسات في الزمن الصعب كان يخاطر بحياته وقد بدأنا جلسات النادي في حمص في حديقة المنزل ثم انتقلنا إلى مختلف انحاء المحافظات السورية وكل ذلك موثق عن طريق صفحة ملتقى الثلاثاء الأدبي على الفيسبوك حيث يتولى ولداي _وهما من طلاب جامعة البعث_ مهمة تصوير الجلسة وبثها على الصفحة مباشرة ,كما كان لنادينا قصب السبق في إقامة مهرجانات الهواء الطلق في كل من الشيخ بدر والقرداحة ,ونحن نهتم بالمواهب الجديدة وخاصة الشابة منها لأن تربية هؤلاء ضمن بيئة سليمة لغويا من شأنه أن يخلق جيلا يعشق لغته ويدافع عنها .
*عذرا ولكن جميع المنتديات تقول نحن نكرم ونهتم بالمواهب الشابة فما هو الشيء الذي يميز نادي الثلاثاء من غيره؟ فيجيب: لقد تم تكريم عدد كبير من المعلمين في عيد المعلم منذ عام 2015,كما كرمنا أكثر من 400طفل موهوب في مختلف أنحاء سورية ويكفي أن أذكر أن الطفل آصف ملحم الذي كرمته وزارة الثقافة بعد فوزه بأحد مسابقاتها الأدبية كنا قد كرمناه قبل ذلك بثلاث سنوات وهذا غيض من فيض .
جندي المعركة القائمة
يقول مؤسس نادي الركن الثقافي الوطني العميد رجب ديب :يهدف نادينا لنشر الجوانب الفكرية والثقافية في المجتمع من خلال نشاط أسبوعي يوم السبت الساعة 12 ظهراً بهدف تعزيز الروابط الوطنية باعتبار المثقف العربي هو جندي المعركة القائمة,وهذا الملتقى الثقافي يتضمن مختلف فنون الأدب من قصة وشعر وموسيقا ونعمل على تعزيز العلاقات الإنسانية التي أثرت فيها الحرب بشكل أو بآخر,وهو استراحة الأدباء من مختلف أحياء حمص وأحيانا نستقبل أدباء من سورية ومؤخراً استضفنا الشاعر علي الجندي,كما نهدف لمساعدة المواهب المبتدئة في الصعود إلى المنبر وكسر حاجز الرهبة منه ,وقد عقدنا العديديمن الملتقيات بالتعاون مع المراكز الثقافية على امتداد الجغرافية السورية.
ضرورة عرض النصوص على لجنة
الناقد محمد الرستم يرى في الصالونات الأدبية متنفساً للكتاب ,ويقول شاركت لفترة محدودة في العديد من المنتديات ولها جوانب إيجابية متعددة يكفي أنها تؤدي إلى انشغال مواطنينا بقضايا الأدب عوضاً عن انشغالهم (بلعبة الورق على سبيل المثال )فهي ظاهرة ايجابية بامتياز ولي ملاحظة أحب أن أذكرها هنا هو ضرورة وجود ناقد أو متذوق فعال ومدقق لغوي ينقح النصوص التي ستلقى على تلك المنابر أو عرض النصوص على لجنة تدقق وترفع من سويتها الفنية واللغوية وأنا شخصيا أشارك في ملتقى أصدقاء الكتاب فنحن مجموعة من المهتمين بالكتب لذلك نحدد عنوانا في كل شهر ونرسله إلكترونياً لبقية الأعضاء ثم نلتقي في النهاية ونتناقش بما تم تداوله خلال اللقاء الشهري كل يدلي بدلوه نناقش لنغتني وما أرجوه من بعض المنتديات ألا يتم تقديم الغث مع السمين لئلا نفقد البوصلة فالكثير من تلك الصالونات يعاني من تدني مستوى الفن والموهبة عند البعض ورغم ذلك هي ظاهرة ايجابية ساهمت في تغطية الفراغ الحاصل على المستوى الثقافي .
اللهاث خلف أضواء الشهرة
الروائي عبد الغني ملوك يرى في هذا الموضوع أن نشاطات ثقافية كثيرة تتم دون أن يتم توصيفها تحت أي تسمية بل هي لقاءات تجري بشكل دائم فهو في مكتبته يلتقي الأدباء بشكل عفوي ومستمر ويتداولون الكثير من القضايا التي تتعلق بالنشر واستسهال كتاب هذه الأيام ولهاثهم الدائم خلف أضواء الشهرة وهذا ينذر بالخطر المحدق بلغة هؤلاء ويضيف الروائي ملوك بأنه مع ظاهرة انتشار الصالونات الأدبية فهي مؤشر حقيقي عن تعطش مدينتنا للثقافة وهذا دليل عافية رغم الضائقة التي تضرب اقتصاد الأغلبية وانشغالها في تأمين لقمة العيش خاصة وأن تلك الصالونات تقدم جيلا شاباً في أغلب الاحيان يؤصل لعراقة حمص في إنجاب الأدباء جيلا بعد جيل حتى لو تعثرت بعض الخطوات .
بانتظار الترخيص
الشاعر محمد العبد الله من مؤسسي صالون حمص الأدبي يقول:
نحن في النادي ينحصر نشاطنا في تنشيط صفحة الصالون على مواقع التواصل لأننا حاليا بصدد الحصول على ترخيص عن طريق وزارة الثقافة لنتمكن من ممارسة نشاطاتنا الدورية على الأرض ، عدا ذلك يقتصر نشاطنا على أمسيات في المركز الثقافي بحمص وعلى فترات متباعدة نسبياً. ….نعاني من مشكلة التوفيق في الوقت و المكان، لأن أغلب الأعضاء إما موظفون أو طلبة مدارس وجامعات …ونشاطاتنا متنوعة يسعى الصالون للبحث الجاد والدؤوب لكشف المواهب وخاصة الشابة منها وتدريبها وتقديمها للمنابر الثقافية لتحصل على فرصتها في الظهور.
ختاماً
الملاحظ أن بعض النوادي تقيم نشاطاتها كل أسبوع وهذا يوقعها في مطب البحث عن الراغبين في الظهور دون أن يكون لديهم أدنى دراية وخبرة في الفن الأدبي الذي يشتغل عليه من هنا نفضل كمتلقين ان تقلل النوادي من جلسات اللقاءات خلال الشهر الواحد وليكن مرة في الشهر لصالح تقديم أسماء لها حضورها أو على الأقل ليكون هناك وقت كاف لتنقيح النصوص التي ستقرأ خلال كل جلسة وتقييمها ومنحها الشرعية من خلال رأي ناقد مختص أو رأي من بعض المتذوقين للأدب .
القسم الثقافي
المزيد...