الحياة مليئة بالصور والمعاني لمن يريد أن يأخذ منها لوحات سواء أكانت شعرية أم نثرية أم رسومات وألحان … فليست اللوحة الجميلة أو المعبرة هي لوحات الطبيعة أو وجوه الأشخاص بحالاتهم المختلفة أو ماشابه .. بل يمكن أن تكون اللوحة مجرد حذاء قديم مهترىء «وملقى» في مكان ما ..!؟ كما فعل الفنان العالمي « فان كوخ» عندما قدم لوحته الشهيرة « الحذاء القديم» لوحة لاتضم إلا حذاء قديما ً باليا ً مهترئا ً داكن اللون يابسا ً بفعل الظروف الطبيعية التي مرت عليه ..والحقيقة لا أحد يدري ماكان يدور بخلد الفنان عندما رسمها ، فمن منا لم يصادف في رواحه ومجيئه أحذية قديمة ومهترئة ملقاة هنا وهناك لكن لم تلفت نظرنا ولم نعيرها انتباها .. بيد أن الفنان يرى مالا نراه ويقرأ فيها أشياء كثيرة . فقد يرى في الحذاء القديم ذي الرباط الجديد دليلا ً على المضي في استعماله وآخر يراه حصيلة حياة ملؤها التعاسة والشقاء .. ويترفع عن النظر إليه لأنه يأبى أن يلتقط فنه إلا من المحطات الراقية .. ترى لو أن الفنان العالمي فان كوخ لم يكن فقيرا ً وذا نشأة عوز وشقاء هل كان سيلفت نظره مثل هذا الحذاء ..وهل كان سيقرأ فيه كل مانقله إلى لوحته .. أوليست المعاناة كما يقولون هي غذاء الفن … لو أننا تخيلنا حياة خالية من العذاب والشقاء فهل سيكون هناك فن وإبداع .. والغريب أننا نمر اليوم بظروف صعبة بسبب الحصار الجائر .. فلماذا تأخر لدينا الفن والإبداع ..
يوسف قاسم