تتسارع الأيام .. ربيع يسابق ربيعاً , ليأتي آذار محملاً بالأعياد ..
عيد المعلم وعيد الأم يدقان الأبواب .. يناديان على القلوب لتتآلف .. هو شعور رائع أن تحتفل مع أمك , وعائلتك , أو مع معلمك وفي وقت واحد وليكون لكل منهم هديته الخاصة والتي هي على مقدار العاطفة .. عاطفة الأمومة وعاطفة من علمك حرفاً ..
فالمناسبات تسقي القلوب العطشى للحب والتآلف , وتضفي جواً من السعادة والمهابة تدفع عن النفس بعضاً من اليأس والبؤس اللذين يحيقان بالقلوب المكلومة ..
إن السماء تعلمك المحبة , والأم تعطيك السعادة والمعلم يغذي عقلك لكن الغلاء يحرمك متعة تقديم الهدايا لمن تحب .. ولمن يستحق , فالشهر تمر أيامه تخترقك خلاله الهموم غير عابئ بدعواتك ليصل بك بسلام الى نهايته دون دين أو عبء إضافي .. فالراتب لم يعد يكفيك لشراء الهدايا وكأن الأيام اتفقت عليك .. تآمرت على ميزانيتك ..
هموم الدنيا ومشكلاتها أزاحت فرحتك رويداً .. رويداً إلا أنك مازلت تقاوم .. تحاول مجاراة الواقع ..
ابتسمت وأنا أتفرج على واجهات المحال في الشارع المتلألئ بالأنوار والهدايا المتنوعة والناس في السوق إما واقفون يتفرجون وإما سائرون ولكن الكل محدق في المعروضات ونشرات أسعارها اللاهبة كأنهم يتشوقون للشراء لكنهم يتراجعون مصعوقين ..
لا يتركون نوعاً من البضاعة إلا ويتفحصونه ببطء وبنهم شديد وكأن هناك عنصر جذب أضفاه أصحاب المحال على بضائعهم للإقبال على الشراء , لكن رواد السوق يعيدون حساباتهم ويرتبونها على مقاس إمكانياتهم المادية , فلم تفلح كل أدوات الإغراء للشراء أو لجذب الزبائن الباحثين عن الهدايا المتناسبة مع دخولهم القليلة ليعودوا يبحثون من جديد عن هدايا معنوية بعيداً عن التكرار والتقليد تغطي شيئاً من سعادتهم المفقودة خلف ركام الهموم المحفورة في قلوب وعقول الناس , ولتنفجر العيون بدموع حارة وهي ترقب التفاف الأم حول أبنائها والتي بدت شامخة باجتماع الأسرة في لحظات لا يماثلها سعادة ..
عفاف حلاس