نقطة على السطر.. رمز العطاء

في ديانات الشرق القديمة ، كانت تتجسّد فكرة الإخصاب بروح الأنوثة ( عشتار ) وكان الأولاد ينسبون قديماً إلى الأم، حيث كانت المرأة تحاط بهالة ٍ من القداسة بوصفها قادرة على الإنجاب .
ولعيد الأم قصة معروفة ، حيث حدّدت كليوبترا يوم ولادة ابنها الأول مع بداية الربيع عيداً للأم ، واحتفلت الإسكندرية يومها باستعراض موكب الزهور الذي طاف أحياء المدينة ، وعبقت رائحة الأزهار وعطر الأمومة وصارت مواكب الزهور تسبق كليوبترا أينما حلّت ، معلنة قدوم الأم السعيدة بأمومتها .
والمرأة الأم كرّمتها الأديان السماوية لأنها بقيت رمزاً عظيماً للتضحية والعطاء اللامتناهي ، ومن ذلك أن رجلاً جاء إلى النبي محمد ( ص ) يسأله : يا رسول الله ، إذا حملت أمي على ظهري ثم طفت بها ، فماذا أفيها من حقها ؟ فأجابه الرسول ( ص) : بأنه قد وفاها طلقة واحدة من تلك التي عانتها أثناء آلام المخاض .
وبمناسبة عيد الأم ، ندرك أنه لا يكفينا يوم واحد نحتفل فيه بأمهاتنا ولا نفيهنّ حقهنّ وإن حاولنا … لأنهن يعشن الألم لأجلنا ، ألم الحمل والولادة والفطام والشيخوخة ، لكن الألم الأكبر ألا تعيش المرأة تلك الآلام حين تحرم من نعمة الأمومة .
لقد كتب محمود درويش واحدة من أجمل قصائده وهو في زنزانة مظلمة ، يعلن فيها عشقه لأمه وتمسكه بالحياة ، لأنه يخجل من دمع أمه إذا فقدها ، وفي تلك القصيدة الخالدة ، كان الحنين صارخاً ، صادقاً ، حتى كدنا نشتمّ رائحة خبز أمه ، وقهوتها ، ونستشعر لمستها .
كل عام وأنتنّ بخير ، أيتها الأمهات السوريات اللواتي أعطين من فلذات أكبادهن ، وفاض عطاؤهن حتى أذهل العالم بأسره .
سمر المحمد

المزيد...
آخر الأخبار