نقطة على السطر ..طقوسنا الدنيوية

بعد  أنة طويلة ننفث زفراتنا الحرى إذ كثرت كلمات التعازي نتيجة حروب مقيتة وأوبئة وأمراض أو كوارث طبيعية  أصابتنا ، نحاول بعدها فلسفة فكرة الموت والحياة خاصة في مجالس العزاء الذي بات كغيره من الطقوس الدنيوية   عادياً ليصبح الميت مجرد ذكرى كون الإنسان مجبول على النسيان وربما صارت اليوم بيوت العزاء مناسبة للتباهي من فرش فاخر لتلك البيوت إلى ولائم تقام على روحه خاصة إذا  كان الميت ذا مقام وحظوة عندها نغربل كلماتنا التي تهز الجوارح وننقيها من شوائب العتب ” الإنسان ما بياخد معه غير أعماله الصالحة” والتي يمثلها المرحوم ، فالعادات والتقاليد تقودنا لتقديم واجب العزاء وربما يندفع البعض لتقصي أخبار ذوي المتوفى وتعداد أملاكه وورثته كون المكان فرصة للالتقاء بوجوه جديدة ينبذ فيها المرء حزنه ليحل محله الفضول كمن يدخل غرفة الإنعاش للحظات ، فضول خرج من رماد قسوة الحياة رافقت المرء منذ خروجه من رحم أمه ليصبح العزاء “رغم الحزن على الفقيد” مظاهر لوجوه تبحث عن تسلية مسروقة في عصر الترقب والتوجس والقلق والخوف سنحزم بعدها حقائبنا ونرحل إلى مكان  لاصوت فيه ولا هسيس، فلنختم  حياتنا بدعوات المحبة والرضى في عالم لا يزال جميلاً إذ وردة الحياة تخرج من أشواكها بسماء وشمس وقمر ونجوم ونسيم صباح يهب مع فنجان قهوة يعد شراب النفس المشروحة  على الفرح والذي ينفخ فينا روحاً جديدة نكتم آهاتنا النارية لحظات احتسائه وربما  ننفث ما تبقى من حزن في رحاب نزهة إلى حديقة عامة أو زيارة  لقريب أو صديق  لنعود أخيراً نستلقي في هدأة الليل ، نغوص في الأحلام ونستبرد بترانيم آسرة لذكريات دافئة تنقذنا من بياتنا الحزين المعتق  خلف العتبات والنوافذ المفتوحة لعل تيارات باردة تزورنا وتنشف حبات العرق المتفصد والذي نستحم به في شهر تموز ونقول ” إن الله ساترها “..

عفاف حلاس

 

 

المزيد...
آخر الأخبار