مبلغ زهيد يتحفك به ضيفك الشهري ” الراتب ” الذي لم تعد أوراقه المتطايرة تدخل في نطاق قدرتك الشرائية ربما يسد اليوم منفذاً كان متاحاً ليضطرك في اليوم التالي لحذف الكثير من المشتريات و استبدال طبختك بطبخة اقل كلفة في خضم الاحتياجات المتزايدة خاصة أيامنا هذه أيام المونة و المدارس مخلفاً وراءه تقطيبة قاسية تنعقد فوق الجبين و تترصد الشكوى و ربما تطلب العون من الأقارب و الأصدقاء تحت مسمى ” الدين ” دين غير قابل للتسديد لأفواه مفتوحة على الغلاء يكفيك حسرة منها تلك النظرات المختلسة لأطفالك على مائدة الطعام بامتعاض في ظل طريق طويل لشهر قادم يمر باختناقات تحرق الأعصاب فالوضع لم يعد وردياً للجميع و الظروف لا تسمح بالتعاطف و لا حتى بالتفكير في كيفية المساعدة لتعيش كجبل منعزل و حولك الصحراء تبخل بالندى الكل يود سماعك و الكل يشاركك الهموم لأنك تتحدث بلسانهم لتصل ربما بين ليلة و ضحاها لحذف رغيف الخبز من قاموس غذائك ما يعني امتناعاً تاماً عن تناول الطعام بمعنى آخر تعيش ” بعل ” كما يقال موروثنا الشعبي
البعض حاول و ما زال يحاول البحث عن طريق آخر غير الراتب يعينه لتيسير إنفاقه اليومي ليصطدم بحجة “العمر ” الذي أوصله إلى ضعف الجسد و الشعور بالوهن و الإرهاق ربما حجة واهية من أرباب العمل نظراً لقلة أو ندرة فرص العمل مساء و التي تقف عائقاً في تحسين الوضع في ظل واقع اقتصادي سيء للجميع .
لتبقى جولتك في الأسواق مجرد تشوق أو ربما فضول عسى و لعلك تصل إلى منتج محلي يشكل أساس حياتك تتوقع من وراء وفرته دافعاً لرخص ثمنه في عملية حسابية معقدة تحتاج إلى موسوعة غينيس تستوعب شكاويك المتزايدة التي جعلت آهاتك تعانق السماء لتعود و تتمتم مع العجائز بعد مقاومة عنيفة لصهل الحاجة مناشدا السماء ..” يا معين ”
عفاف حلاس