تتساوق القيم مضفورة بعبق كل شميم يفوح أريجه من مياسم الزهر ،وفتيق الشذا في السجايا والمثل ،وتتسامى في علياء الصوغ مكارم كل نهوض يلوح بألف وردة ووردة إلى كل ما هو جميل كياسة بلاغة في ترابط قول على فعل . حيث معنى الحضور تألق تميز في مهاد أرومة هذا التناغم ما بين القول والفعل شمولية تكاملية ،يكتبها المرء سطوراً وسطوراً في دفاتر الأيام جاعلا من حكايات المعارف والخبرات والتجارب صوى لتخوم وتخوم ،يدرك دلالة التمايز مابين أحفة الكلمات في مجرى معانيها لتتورد على هاتيك الأحفة جدلية الورود و أفانين مشهديات صدى لما اعتلج و يعتلج في خاطر المرء من مقاربات في واقع حال ،وغيرها في صحائف من معارف وعلوم ،وهواجس تمخر عباب الذات متشظية النباهة ،غنية الاتساع حرفا ،ومناهل المعرفة ضروبا وما بين هذا وذاك ثمة إقدام وإحجام ،وثمة حيثيات مابين وجدان ومزاج ضمن محاكاة عاطفة وميول من جانب ،وحزم في نبالة دراية ودربة لمعنى فضيلة في سمو حكمة تقرأ عمرا عقليا معرفيا سعيا دؤوبا من دون أن تفسح لوهن في مزاج أو فعل بفعل مكانا،إذ مراد السبق نبراس حكمة لا تعثّر في مكابرة .
إن المكابرة ضمن اشتقاقاتها من الكِبَر بكسر الكاف وفتح الباء ،ولاشك أنها تنشد درجات في علا وتتالٍ في علو انعكاسا لتربية في ذات المرء هي حاضرة ضمن فروق فردية مابين فطرية ومكتسبة ،وما ينضح به العقل وعيا،ويحتضنه الوجدان عاطفة ،فعلى مرايا الأنماط السلوكية ترتسم المكابرة صوغ شرانق من حرير جمال صور وقد وضعت في موضعها تعفف رقي مقابل رقي ،وقد ازدهت ببريق المنطق وصقيل الفكر وسداد الموقف من غير ازدراء أو تكبر فلا يضيع الاعتداد بالذات خسارة موقف في ضياع زمن . لكن المكابرة إذا ما رميت في وجه موقف لا يعرف قيمة جمالياتها في مرتسم توكيد الصواب من الخطأ أو البياض من السواد جهلا جراء استقواء يستند على جدار من عنجهية أو عدم إدراك لقيمة قدر مقابل إجرائية فعل ،فعندئذ تتعثر المكابرة تعبيرا عن دلالتها في توكيد موقف لأن تلك المكابرة أشبه بشجرة ضاع إدراك قطوفها .
إن سعة الثقافة ،وفهم جماليات التسامي في معارج الجمال تقتضي كلها أن يسبق العمر العقلي العمر الزمني فيتجاوز المكابرة التي غاب ضياؤها عندما وضعت عند من ترهلت لديه قيمتها ضمن رمزيتها في التعبير في أنساق صروف وظروف من أنماط سلوكية متماوجة هي مابين إنسان وحياة لا يمكن للمكابرة في حيزها سلوكا استعلائيا أن تكون قيمة محببة ،بل هي نافرة لأن الجمال الحق في مكنون إنسانية الإنسان نفح طيب في كل تواضع ،لكنها في رمزيتها حيثية سلوكية تعبيرية ترسم جمالها بأصورة شتى دفعا صوب تعبير لكنها تبدو بائسة حين تخسر رهانها في رمزيتها وقد قيدها مستعجل على ذاته في سباق أناه أمام موضوعية فكرة أو جمالية موقف . ولعل إماطة اللثام عن غشاوة تغلف تسطيح موقف يغدو بهاء نضارة في توضيح حال مابين سلوك وموقف وفكرة .
إن المكابرة بحث عن خاطر مكسور وتقمّص عاطفي عساه يلقى استجابة تجبر ذاته . وشتان بين الكبرياء الذي في معناه الترفع عن الانقياد , وبين المكابرة التي تحمل في طياتها تكلفاً بمنزلة وسيلة للتعبير حيال أمر ما.
نزار بدّور ..