لا يمكن اختزال الإحساس الفاجع بطفلة ملاك بريئة تسحق روحها بوحشية وبجنون من يحترف الكارثة وهو يقهقه دون وازع من ضمير أو أخلاق أو دين …
مرّ غياب الطفلة جوى استنبولي على قلق وارتباك وحذر وللوهلة الأولى قد تخمن بأنها نائمة في زاوية ما في ركن منسي لكن مرّ الوقت وطال النوم ولم يطب وتنازعتنا الأفكار بين من يقول خطفت والسبب قطعة ذهب وآخر انتقام وآراء أخرى تفند وتحلل وتصدر أحكاماً ربما أقسى من فعل الخطف والقتل …
وكانت الصدمة موجعة ، مفزعة ،صارخة ، تتمزق لهولها القلوب ، تقف اللغة أمامها عاجزة عن وصف جرعات الألم التي نتشربها ونحن أمام وحش بشري ذئب غابة فتك بضحيته بوحشية وإجرام وتشويه وعنف دون اعتبار لشرف أو دين أو أخلاق أو طفولة .
في مجتمعنا يوجد الصالح والطالح ، الطيب والخبيث ، الشاذ والسوي ، إضافة إلى أن الأزمة رمت بثقلها وساهمت بتعزيز بعض السلوكيات اللاأخلاقية والتي لا تعرف الخجل أو الحياء من فعل شنيع تأبى البهائم اقترافه …
وبمراقبة سيرورة الأحداث في بلدنا وأفق تطورها والإيغال في الطرق التي فتحها المجرمون ، كنا حيالها لا نستطيع تخمين دوافع القتل لدى المجرمين سوى قلة أخلاقهم وتربيتهم وجهلهم الذي جعلهم عجينة مطواعة بيد أسيادهم ، أحرقوا ونهبوا ، شنعوا بالتمثيل بالجثث عاثوا في الأرض فساداً وقهراً ,ونحن المكتوين بجحيم الحرب ولظى الحياة المعيشية البائسة وبوجع الانكسار والفقد بعد حرب شعواء مازالت تحصد وتنهب وتردي حياتنا المعيشية في الحضيض … تأتي هذه الجريمة النكراء كالصاعقة لتعيدنا إلى خانة البحث عن السبب الذي لا جواب شاف له .. لم كل هذا الإجرام والوحشية والتشويه والعنف ممن يتلبسون ثوب الآدمية وفي دواخلهم وحوش بشرية .. فكل ما يقال عن تفاصيل أعلنت وتفاصيل أخفيت كرمى حرمة الموت واحتراماً لمشاعر ذويها كل هذا يبدو صغيراً أمام هول فقدان طفلة بريئة صارت أطلال جسد وبتنا أمامها أطلال روح مكبلين مصدومين لانملك القدرة على إدراك وفهم سلوك هكذا شواذ بأحاسيسهم وأفكارهم ..
اعترافات المجرم كانت قاسية , رائحة العفن تفوح من نفسه الأمارة بكل أنواع الموبقات , قال إنه كان يراقب الأطفال من شرفة منزله لينتهز الفرصة وينقض على ضحيته إشباعا لنزواته الحيوانية …
نتوهم إذا قلنا بأن عالمنا نقي ويخلو من تلك النفوس الموتورة المنحرفة التي يمكن أن تمارس كل أنواع السادية والوحشية دون اعتبار لدين أو أخلاق أو عرف إنساني ..
نحن دائماً وأبداً ندعو لبناء قيم وأخلاق قبل بناء وإعمار الحجر فالشجرة لا تحيا دون جذور فهذا السلوك الانحطاطي الإجرامي يمكن أن يتكرر في أي زمان ومكان والمسؤولية ملقاة على الجميع …وذات المرارة مرت منذ أيام في مدينة حلب حيث ضعاف النفوس ينتظرون منفذاً لتنفيذ مآربهم الدنيئة تحت سطوة المال والجنس وأمراض اجتماعية كثيرة تختلف أشكالها وخطورتها …. الأخلاق باتت عملة نادرة وكل الطرق قد تؤدي إلى جريمة غير متوقعة .
أطفالنا أمانة فلنحافظ عليها بحرصنا بتربيتنا وتوعية أجيالنا , الكل مسؤول .
حلم شدود