تحية الصّباح… غربال السّحاب ديمٌ

وريقات باسقات الشجر , ورائعات المساكب شتولاً يباكرها الصباح فيض أضمومات من إشراقات حزمٍ تبزغ بها الشمس انطلاق الصباح, فتمور تلك الوريقات المخضوضرة بحبات ذاك الكرم من الغيث , مطالعه وسمي مغناج يتهادى فرح خير ينسرب في أعطاف النفوس , واغتباط قلوب تهزج ميادة بشغف لتباشير خير عميم , وقد شهقت ذرات التراب أنفاس حياة وقد تدانى الغيث مواكب من غربال السحاب , ما بين مزنٍ هنا وغيرها هناك من ديمٍ سكوب .

وعلى مطلول الآفاق , حيث المدى ما بين لحاظ ما ترى , وتصورات من رؤى يمتد فسيحاً ذاك الجمال تعاضد وادٍ بجبل وسهول بهضاب , ومفازاتٍ ببيد ريان الهطل , فيحملك الجمال دفء حنين إلى حيث السحر ما بين الواقع مشهدية لوحة أخّاذة , ومخيال يسرح في دنياه كل خيال .

وعلى أجنحة سفر يدغدغه تهطال ذاك الغيث المترنم و ثمة عصفور بلله القطر , وعلى تثني أماليد أغصان تنداح أصوات ما بين زمزمات لعصافير و تغريد لأطيار , وصداح لعنادل الروح في مكامن الشجن العميق .

وعلى فساحة الذوق الرفيع تعبق رائحة الأرض بالشذا , وبوح كل شميم لاختمار كل اكتناز يتساوق ضفائر من حيثيات ماهيتها على كتفي كل بهاء يحمل شغف الحياة ويروح مدى إلى حيث سرمدية عشق الأرض , وقيم الحياة ومعطى وعي التجدد كل عنوان لكد وكدح ما بين الأرض والإنسان والحياة , وسُقيا مكارم أسّ الحياة في معنى الماء قيمة ورمزاً , وديمومة وجود في إذكاء روح الوجود , ومواجهة كل قحط واحتراب , في معاناة تغيّر ومتغيرات لمناخ , وانعكاس ذلك على حيوات الناس .

هو هذا الغيث الطالع مواويل من أغنيات بيارقها أضواء يومض بكل بريق, فيتلوه ذاك الصوت المجلجل دوياً يرسم على مدرج الحياة موسيقا تناديها الألحان كلها فعل عطاء يلوح بآمال واعدات .

وثمة سطور يخططها محراث فتتماهى حفنات التراب تبراً يفيض قناعات بشدو مواسم .

هي أمانة الكدح في نسب تأصل علاقة ما بين حقلٍ وموسمٍ وبيدر وتعب وغنى مكافآت تفتّح أقاح ٍ من أجنة الزهر على مرامي كل تطلع يتوسل الحياة  .

إنه الغيث تجود به هاتيك الغرابيل سحاباً ليسقي العطاش الهِيم , وليغسل وجه الحياة حجراً , وعوالم من أشياء , ما إن يباكرها , وقد راحت تتسربل به متهللة ليبعث فيها كل ألق . و في دنيا الإنسان كل شفيف يلامس مهاد الروح وسعة العقل , وفيض الوجدان ليكون الغيث طاقات تحايا , وباقات أزهار وورود من ابتسامة إلى كلمة , فبشاشة وجه , و إيماءة رأس و زغردة بريق في عيون مصداقية قول على فعل في معنى انبعاث قيمة الإنسان للإنسان , وقد سقيت بنعماء المحبة طهر كل وسمي من ماء الحياة في سجايا قيم , وناصعات مثل في رائدات كل عمل تزركشه إرادة فعل صدوق , هو في دفاتر السنين لوحات على جدار الذكريات يتجوهر مثل أحجار كريمة تشرّع لألاءها للشمس كل ضياء , وللغيث كل نضارة , وللدلالة كل معنى وقد تبدّت مكينة في سطوة حضورها اللافت تجوهراً راسخة على جدار إسمنتي , لبناته أوابد صماء عمرها الزمان , فاستكان لها كل مكان .

إنه الغيث ممراحاً يرود تخوماً وتخوماً , فتتملى به خصولات التراب مواطن أرحام تباشيرها في براعمها , وسُقياها سَعة كل مناقبية لحبة عرق ونجيع طهر وكل تآخ مع قطرات الغيث في شهامة الخير ما بين الأرض و الإنسان والقيم والحياة مجالس فكر في وعي مفردة هي الكلمة تبني العقل وتحفز الوجدان وفي ساحات الوغى أيام عز بها الرايات كل فخر واعتزاز , وفي صعد الحياة حقول وزروع وغراس وقيم وقامات يسري في عروقها نبض النبالة غيثاً يعانق الحياة .

نزار بدّور

 

المزيد...
آخر الأخبار