تحية الصّباح … الأبراج مقاربات و انزياحات

سلافات الماضيات دهوراً , و تعاقبَ أعصر تفيض جرارها بإرث إنساني , عمرُه سرمدية خبرات متلاحقة صدى لحضور إنساني , ما بين تفاعل , مداه تأثر وتأثير ما بين علاقة عضوية و أخرى جدلية وبكلتيهما هذا المد , وذاك الجزر كان , ويكون الوعي الإنساني نتاج ما توقعه تلك العلاقة المتبادلة , حيث دلالةُ الاستجابة لمعطى التلقي وفق سلالمَ من فروق فردية ما بين خبرات ومهارات لبعض أنماط سلوكية أو بعض اتجاهات وميول , أو بعض قناعات  ولكل روائزها وفق مدخلات ومخرجات يحتفي بها العقل تدرّجَ سعة والعاطفة اتقاد جُذاً . يضاف إلى ذلك ما يجود به واقع معيش تتابع أزمنة , وتتالي كينونة لإنسان   وما أكثر ما مر الإنسان , ويمر تحفّ به عوالم من قراءات لأساطير وحيثيات لخرافات , وتساؤلات في إعمال عقل , وتحفيز تفكير ! حيث هذا الإنسان الذي يسكنه وعي ينتبه , وعاطفة توقد ميوله , وبعض وهن , وضيق حال نحو كثير مما يرغب , فتراه يوطد نفسه على خبرات ومهارات تشرّبها سلافات من مناهلَ لوعي جمعي , و أخرى لغنائية ذاتية في وجدان , و أضمومات تساؤلات في مدارات فضاء أرحب  لذلك تراه يلوذ إلى قدراته إمكاناتٍ , وعلى بعض مسافة من أمنيات و رغائبَ و أشياء من طفولة أودعها العمر سابقات سنين , ثمة أحلام لها الخوافي والقوادم أجنحة في رحاب الخيال و أخرى على نوافذ الأبراج في سباق محموم يتجاوز ضيق حال في ظروف أو صروف , أو فتور عزيمة في همة قفز تستحلب ألبانَ أضرع ٍمن أمنيات , شرعت الأبراج نوافذها لها بألف قال وقيل ضمن حقل معجمي لأسماء أبراج وطوالع فلكية وزوايا وكواكب ومفردات تتلوها مفردات وفق بعض براعة في محاكاة الخيال والأحلام والأمنيات وضمن كلام عام على حوامل عاطفية ما بين قليل من كلام متشائم , وكثير في غيره يُسعد بالتفاؤل ليغدو أن ما يُقال قريباً من رغائب نفس المتلقي ضمن مهارات نفسية في طرائق العرض , حتى لكأن يد المتلقي فازت بدرة غائص من لجة وهم  و إذا ما فكر أي واحد أن يبدل برجه بغيره سيجد أن القول ذاته لأن مردود الكلام لا روائز له ولا دلائل يرصدها تقييم أو تقويم إلا جريان عادة في مجرى تعاقب الأزمنة وتتالي البشر , ومحاولة متاعب أوجدت لها مكاناً لدى بعض فروق فردية أسعدتها غواية كلمات مجنحة على مرتسم قادمات أيام وفصول .

إن الفلك علم تجريبي وتنظيري معاً في معطاه ظاهرةً , وفي درسه علوماً ولا شك أنه خدم , ويخدم البشرية إنجازات ومنجزات  أما هامش الأبراج فهو سردية آمال ووعود و أحلام وردية ومصفوفات لفظية , لا تخلو من بعض مهارات وبعض نسج لغوي يقدم محتوى ويحاكي طبائعَ وطباعاً ولا تعني مقاربة قراءة لواقع الأبراج في مصداقيتها أو عكس ذلك تقليلاً منها واقع حال وتفاعل إنسان بها , كل حسب ميوله أو قناعاته لكن  قد لا يستطيع أي امرئ أن يحاصص أية نتيجة في سردية برجه بين ما قيل فيها من مغنم أمنيات , وواقع سراب في أحضان الريح .

إن علم النفس في بنى علومه ما بين شعور ولا شعور وطفولة و أحلام وانكسارات وبعض تحديات أو صدمات يقرأ الأبراج تحليلاً يرجعه إلى مكامن النفس وبعض الفراغات التي تعثرت بها تجربة الفرد وكذا الأمر في علم الاجتماع في عملية الاندماج البنيوي ما بين الإنسان وذاته خبرات و مهارات , و المرء والتفاعل المجتمعي , وحظوة بعض عادات و أعراف في تحقيق شيء من تماثل ما بين حاجات وحاجيات .

لا شك أن الإنسان لا يستطيع اختزان معرفة خبرات الحياة وعلومها عقلاً بشرياً متوارثاً مداه أزمان و أزمان , و أمر بدهي أن تغيب عنه أشياء كثيرة , ولربما يوسع لبعض ميوله مكاناً في أروقة أحلام مسافرة على أجنحة أبراج وقراءات كف وتبصير فنجان قد يكون ذلك ضرباً من التسلية وقد يكون بعض بصيص أمل في مغازلة حظ أو تطلع صوب أقدار جميلة   ولكل شأنه ضمن موضوعية رقي إنسان إلى إنسان في ميوله وقناعاته وفي هذا وذاك نقرأ نلمح تلاوين لا تخلو من بعض جمال .

نزار بدّور

 

المزيد...
آخر الأخبار