كتب مثيرة توثق بطولات شعبنا العربي السوري والمعارك التي خاضها بوجه المحتل الفرنسي لتحرير سورية خلال ربع قرن ونيف من هذا الاحتلال .فمنذ أنزل المستعمر الفرنسي قواته في الساحل السوري بدأت ثورة المجاهد الشيخ صالح العلي رحمه الله في جبال الساحل .ولعلنا نذكر أنّ إمكانيات الثوار كانت ضئيلة لكن عزيمتهم وحماسهم واندفاعهم لتحرير الأرض كان قوياً وصلباً الأبطال يشترون سلاحهم من حسابهم الخاص ثم يلتحقون بالثورة .وقد ورد في كتاب المرحوم المحامي يوسف غاله (ثورة الشيخ صالح العلي )أنّ الشيخ صالح قد قدم إلى بلدة القبو وأقام عدة أيام بضيافة آل بركات .وقدمت وفود كثيرة من البلدات والقرى المجاورة للسلام عليه وبعضهم انضم «إلى ثورته ورافقه في عودته للجبال الساحلية وممن تطوعوا في الجهاد مع الشيخ صالح المجاهدون :إبراهيم الأحمد وعيسى الضاهر وجدي عيسى خليل إسماعيل –رحمهم الله .وقد أمضى هؤلاء شهوراً في الثورة .وعندما عادوا راحوا يروون قصص المعارك والصدامات مع الفرنسيين المحتلين في الجبال والأودية .فقد كان عامل التضاريس من جبال وأودية وطرقات ضيقة وأحراش ومغاور وكهوف الثوار دوراً فاعلاً لأن الفرنسيين لم يكونوا يعرفون شيئاً عنها ، فقد تكبد الفرنسيون خسائر كبيرة من قتلة ومصابين وأسرى .
كان عمي وأبي يروون ما سمعوه عن والدهم المجاهد عيسى خليل إسماعيل الذي لم يكن يملك شيئاً سوى بندقيته التي كانت جواز سفره للالتحاق بالثورة وشرف مقاومة الفرنسيين وكان الثوار يتناولون الطعام الذي يقدمه لهم الناس في القرى والبلدات المجاورة لأماكن تمركزهم ،لأن الناس الفقراء كانوا يفخرون بأنهم يشاركون في دعم الثورة وهناك قلة كانوا يتبرعون بالمال لشراء السلاح للمجاهدين.
باختصار ،كان السوريون أسرة واحدة وقلباً واحداً .وهكذا كانت هناك علاقة وثيقة بين ثورة الجبال الساحلية وثورة الشمال بقيادة المجاهد إبراهيم هنانو .
وكان الشيخ صالح العلي شاعراً وله قصيدة جاء فيها مخاطباً الفرنسيين :
تريدون باسم الدين تفريق أمةٍ
تسامى بنوها فوق دين ومذهب
تعيش بدين الحب قولاً ونيّة
وتدفع عن أوطانها كلّ أجنبي
ولعلّ بيان الثورة السورية الكبرى بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش كان خطاباً لكل العصور من حيث أنّه وطني وقومي ودعوة للتحرر من المحتل .
فقد جاء فيه :(إرادة الشعب في إرادة الله .أيّها العرب السوريون تذكروا أجدادكم وتاريخكم وشهداءكم وشرفكم القومي ..تذكروا أنّ الله مع الجماعة ….)
الذين حرروا سورية من المستعمر الفرنسي لهم أحفاد انتصرت على الإرهاب التكفيري وطهرت تراب سورية من رجسه ولا تزال حتى القضاء على آخر إرهابي تكفيري .وهؤلاء الأحفاد سوف يحررون الجولان ويطهرون ترابه الغالي من رجس المحتل الصهيوني ، فالعزيمة موجودة وقوية وصلبة والاستشهاد في سبيل الوطن عزة وكرامة وفخر .
عيسى إسماعيل