أهو العبث ،أم ما يشبه العبث ،أم هو الإصرار على لعب كافة الأوراق الخاسرة في الحرب الكونية على سورية التي جعلت أوراق التين تسقط عن عورات غربان الاعراب الذين غاصوا حتى النخاع في التآمر ليس على سورية وشعبها فقط بل على الأمة العربية بكاملها وعروبتها وهويتها وثقافتها وحضارتها التي تمتد لآلاف السنين .
لقد أثبتت السنوات الثماني الماضية من عمر الحرب الكونية على بلدنا أن سورية عصية على السقوط وأنها صامدة بقيادتها وجيشها وشعبها الذي أسقط المؤامرة واستطاع أن ينتصر على قوى الإرهاب ودحر المخططات والمؤامرات التي حيكت من الإدارة الأمريكية التي كانت تدير اللعبة مع بقية الدول الاستعمارية في العالم وبمساعدة الدول الحليفة معها والتي تآمرت بتوفير المال والسلاح للعصابات والفصائل الإرهابية التي جيء بها من كل أصقاع الأرض .
بعد سقوط فصول المؤامرة العسكرية خلال السنوات الماضية ،ودحر سورية لكل الفصائل الإرهابية عن أراضيها لم تتوان الإدارة الأمريكية عن الظهور علانية بعد أن كانت تدير الحرب بشكل يبدو «أنه خفي للرأي العام لكنه واضح وضوح الشمس لسورية وشعبها وقيادتها التي أدركت حجم التآمر الكبير عليها والذي استهدف كل شيء في هذا البلد الجميل حيث لم يسلم البشر ولا الحجر من تلك الحرب الكونية الدنيئة ،وعلى الرغم من العدد الكبير من الشهداء الذين قدمتهم سورية في حربها الطاحنة مع القوى الظلامية الإرهابية والتدمير الكبير الذي نال الكثير من الأحياء والمدن والبلدات والقرى السورية إلا أن إصرار الشعب والقيادة على الانتصار تحدى ذلك التآمر وكان الاستعداد عظيماً لتقديم المزيد من التضحيات البشرية والمادية التي دفعتها سورية ثمناً لمواقف سورية الصامدة والثابتة.
وبعد كل ذلك فان الإدارة الأمريكية تبدو ماضية في حربها البشعة التي تحوّلت من دعم الإرهاب والإرهابيين إلى ممارسة الحصار الاقتصادي على الشعب السوري ولعل شتاء هذا العام كان قاسيا بسبب الحصار الذي مارسته الإدارة الأمريكية على سورية وكان هناك أزمات في توفير المازوت والغاز وأخيراً أزمة البنزين حيث شهدت معظم محطات توزيع الوقود ازدحاماً غير مسبوق على البنزين وعلى الرغم من إتباع الدولة إجراءات لتوفير هذه المادة إلا أن الأزمة كانت تهيمن على الشارع السوري وأصيب المواطن بضغوطات استطاع أن يسيطر عليها بأسلوبه الذي اعتاده خلال السنوات الماضية فمن صبر على الإرهاب والقوى الإرهابية التي كانت تعيث فساداً خلال السنوات الماضية قادر على أن يصبر أمام تلك الضغوطات الاقتصادية التي تتعرض لها بلدنا في هذه الأيام ،ولذلك فإننا لاحظنا أن معظم السوريين قد أخذوا المسألة بروح النكتة وبعضهم من اعتبر الوقوف لعدة ساعات بانتظار الدور على محطات الوقود كنوع من النزهة وبعضهم من حمل أركيلته معه ، ووسائل التسلية كالبزورات وغيرها كي يخفف من عبء تلك الأزمة التي أرخت بثقلها على الشارع السوري .
وعلى الرغم من بعض التصريحات التي صدرت عن الجهات المعنية بتراجع أزمة البنزين وانحسار تلك الطوابير الطويلة التي تنتظر دورها في محطات الوقود إلا أن العنوان الأبرز الذي يمكن أن تصوغه تلك الحالة هي أن الشعب السوري شعب جبار وقوي لأنه في أحلك الأوقات يستطيع أن يحول تلك الأزمات إلى حالات عابرة كيف لا وهو الشعب ذاته الذي استطاع أن يصمد أمام الحصار الذي تعرض له في ثمانينات القرن الماضي والذي استهدف صمود الشعب السوري ومع كل ذلك استطاع أن يخرج منتصرا مع جيشه وقيادته في الثمانينيات وهاهو التاريخ يعيد ذاته ليثبت الشعب السوري أنه لم يتغير يستطيع الصمود والمواجهة وتحويل فرح الأعداء إلى ابتسامة صفراء لأنه باختصار استطاع أن يهزم أعداء سورية عسكرياً بفضل القيادة والجيش السوري أولا وهو سيهزمها بإفشال الحصار الاقتصادي الذي يحاول النيل من الشعب السوري المستهدف أولا وأخيرا .
فشل الإدارة الأمريكوصهيونية في إدارة الحرب على سورية وإخضاعها يجعلها تستمر بتنفيذ سيناريوهات الحصار الاقتصادي ، ويبدو أن تلك الإدارة غبية لا تعرف سورية وشعبها وقيادتها وأنها لم تجربها في ثمانينات القرن الماضي ولذلك يبدو ما تفعله الآن هو نوع من العبث وكمن يدق الماء وهو ماء على أمل أن تتغير النتائج التي تتوقعها من تلك الإجراءات ..
انه عبث وغباء ليس الإدارة الأمريكية بل الغباء الأكبر يكمن في رأس رئيس البيت البيضاوي الذي يتخبط كل يوم بقرارات عبثية لا طائل منها فالنتائج محسومة ومن لم يستطع أن يأخذ أي شيء بالحرب لن يستطيع أن يأخذ أية نتيجة بالسياسة أو بالحصار فهل من متعظ..؟
عبد الحكيم مرزوق