في حركة دورانية تقدم المتسول مادا يديه الاثنتين باتجاه الموظف المعتر يستجديه بطلاقة عجيبة و هو الذي لا يملك شروى نقير…
لبث يعد الدقائق و هو لا يدري كم من الوقت مضى شارحاً وضعه بصورة كاركاتورية و بكلمات مضحكة غير متوقعة تخالطها الدعابة ” احجز لي مكاناً بجانبك “فلا تشكيلي ببكيلك” آملاً بذلك الانعتاق من مهمة صعبة تواجهه كل يوم مع متسول جديد تشعره بالحرج و كأنه في حوار للطرشان و هو الذي يعد الأيام و الليالي للوصول إلى راتب يترتب عليه مهمات لا تحملها الجبال الراسيات و التي باتت تقيد احتياجاته بسلاسل حديدية من الديون حتى أغرقت رقبته و منعته من السداد.
بعض المتسولين يجنون أضعافاً مضاعفة من أرباح يومية و الذين يحاولون اليوم مشاركته الراتب الذي ذاق في تحصيله الحامض و المالح و المر لتنطلق من فم المتسول تأنيبات و دعوات تنقر أذنيه و تشعره بالتقصير في حال ضبطه أحدهم و هو يتناول سندويشته التي اعتبرها تجاوزاً في حدود الرفاهية كلمات أقوى من الليل و هزاته المتتالية التي جمدت الدم في عروقنا خوفاً على حياة مبتورة النهاية و الذي أكمل النقل بالزعرور بعد زلزال حياته المعيشية المرهقة و التي ربما كان زلزال الطبيعة أكثر رأفة كونه يهدد بموت سريع بينما يعاني المواطن من أوضاع صعبة في تدبير حاله الذي بات من المحال ….
عفاف حلاس