مع حلول شهر رمضان نشطت حركة البيع والشراء، وانتعشت الأسواق بشكل ملحوظ رغم ضيق الحال مادياً، وبدأت أسعار اللحوم البيضاء والحمراء بالارتفاع إلى حد ما، ليتبعه واقع الخضراوات والفواكه، وانتهاء بالحلويات، إذ يعتبر هذا الشهر بالنسبة للتجار فرصة مناسبة يجب أن تستثمر من أجل رفع الأسعار باعتبار أن شهر رمضان هو شهر الخير، وفيه تعمر الموائد التي تشكّل مصدراً للرزق ورفع الأسعار نظراً لضعف الرقابة …. فما هو واقع الأسواق في هذا الشهر, وما مدى التزامها بأسعار التجارة الداخلية وحماية المستهلك ؟ وكيف تتابع دوريات الرقابة حركة البيع في الأسواق؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها للتخفيف من تلك الأعباء …
ومن المعروف أن شهر رمضان المبارك يفرض على المواطن طقوسا مختلفة في شراء المواد الغذائية والخضار واللحوم ، ولكن من المؤسف أن تكون الغالبية العظمى من المواطنين غير قادرة على تأمين أبسط مستلزمات الشهر الكريم ..
وفي كل عام يحسب المواطن ألف حساب لاستغلال بعض التجار من ضعاف النفوس حاجة المواطن في هذا الشهر , ويقومون برفع أسعار المواد الغذائية ليصبح المواطن في حيرة مستمرة حول كيفية تأمين الحد الأدنى من مستلزماته اليومية .. علما أن هؤلاء التجار لا يقومون باستيراد بضائع جديدة ومختلفة في شهر رمضان، بل الكثير منهم يكون لديهم سلع مخزنة قبل شهر رمضان، وبالتالي يستغلون ذلك لرفع الأسعار من جهة وللتخلص من البضائع القديمة من جهة أخرى، كل هذه الظروف توفر بيئة مؤاتية لارتفاع الأسعار في هذا الشهر .
عرض وطلب
السيدة ابتسام «موظفة» قالت : لا تختلف أجواء رمضان هذا العام عن العام الماضي كثيرا .. , في ظل غياب الرقابة على الأسعار (على حد قولها) فجميع التجار وأصحاب المحال يرفعون الأسعار على مزاجهم , والسوق عرض وطلب، وفي رمضان يزيد الطلب على المواد الغذائية ، والتجار يستغلون هذا الأمر ويرفعون الأسعار ورغم ذلك المواطن مضطر للشراء ..
وأضافت : أصبحنا نلجأ إلى إتباع العديد من الطرق للتحايل على الظروف , فالطبخ لم يعد يوميا , والتنوع في أصناف الطعام ليس ضروريا كما كنا في الماضي , فالموظف لا مجال له للادخار، فالقروض أثقلت كاهله، والقدرة الشرائية لديه أصبحت قليلة جداً، والبعض أصبح يلجأ للبضائع المجمدة من لحوم ودجاج لغلاء أسعار اللحوم الطازجة…
يقول أحمد « موظف » : إن ارتفاع الأسعار بات معروفا حيث يقوم التجار مع بداية شهر رمضان برفع أسعار الكثير من المواد وخاصة الغذائية التي يحتاجها المواطن في هذا الشهر , وهم بعيدون عن عيون الرقابة والمحاسبة وبالتالي أصبحنا نختصر العديد من الاحتياجات لنتأقلم مع هذا الوضع الصعب .. خاصة وأن الموظف بات يوزع الراتب بين سداد الديون والفواتير وتأمين متطلبات العائلة , وبالنهاية الاستدانة من جديد ..
وأضافت : سماهر «ربة منزل» : انعكس ارتفاع الأسعار والوضع المعيشي الصعب على الكثير من الأسر السورية التي ألغت بعض الطقوس الاجتماعية مثل تجمع الأقارب في الشهر الفضيل على الإفطار، فالغلاء غيب عنا عادات وتقاليد اجتماعية كثيرة ، فلم يعد بوسع الكثيرين الاحتفاظ بتلك العادات نتيجة الظروف المعيشية الصعبة ..
اختلاف الأسعار بين محل وآخر
في جولة على الأسواق لاحظنا تنوع السلع المعروضة من المواد الغذائية من الخضار والفواكه … أحد الباعة قال لنا في إجابة عن سؤالنا حول حركة البيع والشراء خاصة مع اختلاف أسعار الخضار بين يوم وآخر : حركة الشراء جيدة رغم غلاء الأسعار واختلافها بشكل شبه يومي , فالمواطن مضطر للتسوق ولكن ليس بكميات كبيرة كما كان منذ سنوات , إنما تقتصر عملية الشراء على الحاجات الضرورية فقط وهي تأمين «الخضار لوجبة الافطار » , مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الأسر أصبحت تعتمد مبدأ « الطبخة ليومين» ..
رسوم وضرائب
صاحب محل خضار : سألناه عن سبب اختلاف أسعار الخضار من محل إلى آخر , أو حتى بينه وبين بائع البسطة فلديه مثلا : كيلو البندورة 350 ليرة , أما عند بائع البسطة 300 ل.س , وكيلو الكوسا 250 , علما أنها كانت منذ عدة أيام بـ 125 « حسب ما قال لنا مواطن كان يشتري الخضار , أما الليمون فسعر الكيلو 200 ل.س , والخيار 250 ل.س .. فأجاب: بإن صاحب المحل مضطر لدفع الرسوم والضرائب وأجور نقل البضائع , مما ينعكس على الأسعار .. كما وأن جودة السلعة والمصدر يلعبان دورا في السعر أيضا .. وبرأيه أن حركة السوق لا بأس بها هذا العام رغم عدم ثبات الأسعار الناجم ربما عن الأحوال الجوية وتأثيرها على موسم الخضار ..
ونوه على اقتصار المواطنين على شراء حاجياتهم من الطعام والقليل منهم يفكر بشراء الفاكهة …
تنظيم ضبوط يوميا
مدير التجارة الداخلية بحمص المهندس رامي اليوسف قال : تزداد حركة البيع والشراء في شهر رمضان، وفي الوقت ذاته تكثر فيه حالات الغش، حيث يتم طرح مواد غير مستوفاة للشروط الصحية لجهة عدم الصلاحية، وهناك أيضاً مخالفات كثيرة فيما يخص الأسعار، لذلك تعمل عناصر الرقابة منذ الصباح وحتى ما قبل الإفطار على شكل دوريات بهدف مراقبة الأسواق، ومدى التقيد بالتسعيرة الرسمية، فضلاً عن مراقبة الجودة، وأخذ العينات.
وأضاف: فيما يخص اللحوم يتم التأكد من طرحها في محال صحية ونظيفة وضمن البرادات منوها أن عناصر الرقابة قامت منذ يومين بجولات على محال بيع اللحوم وتم تنظيم ضبط مخالفة بحق صاحب محل نتيجة لوجود لحوم مجهولة المصدر واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقه …
وأشار أنه يتم يوميا تنظيم مابين 20 – 30 ضبطا يتضمن عدم الإعلان عن الأسعار أو انتهاء صلاحية حيث يتم التركيز على جودة المنتج وسحب عينات دورية من المواد الغذائية حيث يتم سحب حوالي 7 عينات يوميا للتحليل «الجرثومي أو الكيميائي» ونوه الى أنه في الجولات خلال الفترة الأولى من شهر رمضان يتم التركيز على مستلزمات المواطن اليومية من السكر والأرز والألبان والأجبان والبقوليات واللحوم والخضار والفواكه , إضافة إلى السلع الخاصة بالشهر الفضيل كالتمر و العصائر المختلفة والعرقسوس وقمر الدين .
وختم قوله : نسعى من خلال عناصرنا على تشديد الرقابة على جميع أسواق المدينة والريف والمحال التجارية والحد من ارتفاع الأسعار والتدقيق بالفواتير وصولا للمنتجين والمصادر الرئيسية سواء « منتج أو مستورد» لمعرفة الخلل وسبب التفاوت بالأسعار بين محل وآخر ومنع حالات الغش والإحتكار التي قد تزداد في شهر رمضان المبارك ..
سلة غذائية
وخلال جولتنا على بعض صالات السورية للتجارة أشار أحد المواطنين إلى أن السورية للتجارة قامت وكنوع من التدخل الإيجابي للحد من قيام التجار برفع الأسعار بطرح سلة غذائية بقيمة 7500 ل.س تتضمن الكثير من مستلزمات المواطن اليومية من سكر وشاي وبقوليات وغيرها مما يساهم في تخفيف الأعباء المادية على المواطن وبأسعار تناسبه إلى حد ما
أخيرا
نتمنى أن لا يشعر المواطن بأنه سيبقى محاصرا كما في الأعوام السابقة في هذا الشهر بعبء زيادة الأسعار التي ستؤثر على كميات شرائه وقد تحرمه تأمين أبسط احتياجاته الغذائية.
بشرى عنقة
تصوير: سامر الشامي