تحية الصباح .. معارك أدبية     

في زمان مضى , قبل عقود عديدة في أربعينيات وخمسينيات  القرن الماضي وما بعدها , كانت صحافتنا تزخر بالمعارك الأدبية الرأي والرأي الآخر , مما أثرى المشهد الأدبي والثقافي لأن تلك المعارك كانت حوارات هادفة تأخذ بالقول ( إن الاختلاف بالرأي , لا يفسد للود قضية ) ومن تلك المعارك الأدبية التي لايزال البعض يتذكرها , هي تلك  التي حصلت على صفحات الجرائد , …المعركة التي دارت بين العقاد ونزار قباني وبين طه حسين والعقاد , وبين مجموعتين من الشعراء الحمامصة , الأولى تنتصر لقصيدة العمود والثانية تنتصر لقصيدة التفعيلة أو ما يسمى ( قصيدة النثر ) .

ولعلي أبدأ الحديث عن المعركة التي دارت بين ” نزار قباني ” ومنتقديه وعلى رأسهم عباس محمود العقاد والشيخ علي الطنطاوي فعندما أصدر نزار ديوانه الأول ( قالت لي السمراء ) عام 1944 , أثار جدلاً واسعاً , فقد قال الطنطاوي ( لقد صدر في دمشق كتاب صغير ملفوف بالورق الشفاف الذي تلف به علب الشوكولا في الأعراس ) ويرد عليه نزار بالقول ( هذا أحد الخناجر التي استعملت ضدي وتتلذذ بأكل لحمي نيئاً ..!!)

أما هجوم العقاد على نزار قباني فكانت عندما أقامت دار الصياد في لبنان حفلاً كبيراً في بيروت لتكريم نزار قباني ضمن مسابقة ( أجمل أغنية ) وارتأت لجنة التحكيم تكريم أغنية ( أيظن ) لنجاة الصغيرة التي أحيت الحفل , مع كاتب الكلمات نزار قباني والملحن محمد عبد الوهاب وذلك في الأول من حزيران عام 1960 .

فانبرى الأديب عباس محمود العقاد للهجوم على الأغنية وكاتبها والقول (إنها  لا تناسب ثقافتنا وفيها كلمات ليست من اللغة العربية مثل كلمة ” فساتين”….

ويرد نزار قباني على العقاد بالقول : ” لم نتدخل بكتاباته ولا ماذا يفعل “.
وإذا جئنا إلى السجال ، القديم الجديد ، حول قصيدة العمود وقصيدة التفعيلة والنثر ، فإنه دار على صفحات ” العروبة ” و” تشرين ” و” البعث ” في عام 1992 بين ( شعراء الحداثة ) يمثلهم ممدوح السكاف وعبد الكريم الناعم وشاكر مطلق ، وشعراء العمود ويمثلهم الشاعر أحمد أسعد الحارة الذي كان مديراً لنادي ضباط حمص ، وحوله مجموعة من الأدباء .

وجاء هذا السجال أو المعركة الأدبية ، بعد مقال نشرته صحيفة تشرين بمناسبة إقامة مهرجان الشعر السنوي لرابطة الخريجين الجامعيين الذي يشارك فيه كل شعراء حمص وقد حمل المقال عنواناً مثيراً ( حضر الشعراء وغاب الشعر) ، وفيه انتقاص من شعر التفعيلة والنثر ، وتمجيد بالقصيدة ( العربية الأصيلة ) وكاتبة المقال غير معروفة من قبل مما حدا بالبعض للقول إنه ( اسم وهمي ) وكثرت الردود على المقال  غير أن مقالاً إضافيا نشرته تشرين بقلم الدكتور أكرم جميل قنبس أشعل النار من جديد وجاء بعنوان ( الشاعر أحمد أسعد الحارة .. قصائد بماء الذهب ) . واعتبر ( الحداثيون ) كما يسمون أنفسهم المقال هجوماً عليهم لأنه يمجد القصيدة العمودية ، ويرى أن ما عداها ليس شعراً …!!.
وعلى ما أذكر فإن الشاعر عبد الكريم الناعم أمد الله بعمره كتب مقالاً في إحدى الصحف يردّ فيه على مقال / حضر الشعراء وغاب الشعر / وهو مقال ينصف قصيدة العمود وينصف أيضاً قصيدة التفعيلة .

عيسى إسماعيل

 

المزيد...
آخر الأخبار