صدر حديثا مجموعة شعرية جديدة للشاعر حسن إبراهيم سمعون من القطع المتوسط ,بمئة وخمسين صفحة تقريباً عن دار بعل للنشر والتوزيع ,قدم (لمقامات التاسوعاء) الناقد الدكتور علي عزيز العبيدي,تضم المجموعة الشعرية عشرين قصيدة منوعة بين التفعيلة والعمودي ,عالج فيها الشاعر قضايا حياتية تؤرق المواطن السوري والعربي عامة منذ القصيدة الأولى المعنونة ب «نار على جدائل فاطمة «مهداة إلى المقاومة الوطنية اللبنانية ,يصف فيها المخاضات العسيرة التي مرت بها المقاومة في الجنوب اللبناني حتى خلقت النصر يقول: في حرِّ تموز تجلّت فاطمة /نادت لحراس البدور/ لبى الرجال نداءها /واستنفروا قبل السحور/ لاذ الرعاة بكهفهم وتناوموا /ولوأدها نذروا النذور /قرؤوا التمائم عزَّموا /وعلى رماد جنوبنا / حرقوا البخور.
ويكمل الشاعر فرحته بنصر تموز الذي سطرته المقاومة اللبنانية منارة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ,فيقصُّ شعراً حكاية النصر في تموز على شكل حوار بين الزيتون في الجنوب اللبناني وبين السنديان السوري فيقول في قصيدة «منادمة بليلة تموزية « :زيتونة ..شرقية ..وجنوبها شرق /ولا غرب لها / والشمس في أغصانها شرقية تزهو على كل المشارق /قال: سلام الله يا / صخري المرابض في الخنادق يا من دحرت السيل والظلمات عن تلك البيادق .
ويتابع الشاعر حسن سمعون الاحتفال بالتضحيات في سبيل النصر من بوابة قانا هذه المرة مستخدما معجما ثراً من المفردات السياسية والجغرافية والتراثية التي تخدم فكرته في حثِّ الشباب على الالتحاق بالمقاومة فنجد مفردات مثل : يهوذا ,كونداليزا رايس ,مارون الراس و مروحين وهما من قرى الجنوب اللبناني فيصف أطفال قانا الشهداء : «زغب وما نطقت ثغور الطهر إلا البسملة ! جلبت إليهن الوحوش المقصلة/فبأي شرع يستباح الياسمين ؟ وكأنَّ يهوى ما ارتوى! وفطيره مازال يُخبزُ ساذجاً فدماؤهن خمائر /لعجينه المطبوخ من حقد السنين .
ويوضح الشاعر في أسفل الصفحة شرح كلمة العجين الساذج بأنه العجين دون خميرة في إشارة إلى فطير صهيون.
هناك مفردات خاصة بالشاعر حسن سمعون وهي من اشتقاقاته اللغوية.
ولا ينسى شاعرنا أن يقف في غزة مناصراً أطفالها وفتيتها في حربهم المشتعلة دوما فيصف غزة عشية العدوان الصهيوني عليها في ليلة رأس السنة عام 2008 فيقول: في ص 71: في غزَّتي / قصفوا المغارة والوليد /في غزّتي صهروا التراب ولم نجد/ من حفنة لفم الشهيد / في غزتي نار يطوّقها الجليد . إن القصائد العشرين التي تضمها المجموعة يوظف فيها الشاعر حسن سمعون ذاكرته الغنية بكل مفردات التراث ,ويتقن اللعب على حبائل و فنيات القصيدة الحديثة من إيقاع داخلي وموسيقا هامسة رامزة تشرح حيناً وتوارب أحيانا ,وتحتاج لمساحة كبيرة وليس لمقال محكوم بعدد الكلمات فهي مجموعة غنية جديرة بمكتبتنا ,ومبارك له هذا الانجاز.
ميمونة العلي
المزيد...