فكرة ..مواسم الدراما السورية

هل يمكن القول أن المواسم الرمضانية كانت وراء النهضة الدرامية في سورية ، أم أنها كانت حافزاً للإنتاج الدرامي خلال السنوات الماضية من عمر الدراما السورية التي شهدت تطوراً واضحاً وملموساً استطاعت أن تثبت وجودها على الصعيد العربي ونافست وتفوقت بجدارة على الدراما المصرية التي كانت تغزو الشاشات العربية منذ أكثر من عشرين عاماً خلت.
المؤشرات تؤكد أن المواسم الرمضانية كان لها دور هام في هذا التطور الذي حصل حيث كانت معظم شركات الإنتاج التي ظهرت تجهز أعمالها الدرامية للعرض ضمن سباق شهر رمضان الذي أصبح موسماً لعرض المسلسلات الدرامية التي يتم إنتاجها ولم تتوقف تلك المنافسة على حجز التوقيت المناسب للعرض بل تعدى الأمر لتقوم بعض المحطات بعروض حصرية لمسلسلات معينة أخذت سمعتها وحققت حضوراً لافتاً سواء بالممثلين النجوم الذين كانوا يشاركون بها أم بأسماء المخرجين الذين كان مجرد وجود توقيعهم على أي مسلسل درامي كفيلا بالحصول على جواز العرض في بعض المحطات التي تفوح منها رائحة النفط وغيرها من المحطات التلفزيونية التي يهمها زيادة عدد المتابعين لها ولبثها الفضائي .
المسألة استحوذت على اهتمام واسع من قبل بعض الشركات وبعض الممولين الذين وجدوا في الإنتاج الدرامي وسيلة لتحقيق المزيد من الأرباح حيث لاحظنا لعبة الأجزاء التي بدأت ولم تنته إلى حد أصبحت بعض المسلسلات مملة واستنفدت أحداثها الغاية التي كانت وراءها ولعل المثال الأبرز هو مسلسل باب الحارة الذي كان يحظا بمتابعة واسعة وحقق في أجزائه الأولى نجاحات باهرة ،ولكن اللعبة التجارية أفرغت هذا المسلسل من مضمونه وخاصة في ظل الخلافات التي نشأت بين المخرجين الذين تعاقبوا على إخراجه والمؤلفين أيضاً والممثلين حيث كان كل واحد يغرد باتجاه مختلف ولذلك لم تقدم تلك الأجزاء أي إضافة تذكر للمسلسل وكلنا يذكر إخفاء شخصية أبو عصام في بعض الأجزاء بسبب خلافه مع المخرج وبعد أن تمت المصالحة وتبويس الشوارب فقد تمت إعادته للعمل في المسلسل بعد أن أوجدوا الأسباب الدرامية المقنعة للمشاهد .. تصوروا تلك التفاهة والابتذال الذي وصلت لها الدراما السورية على أيدي تجارها حيث نزلت بها إلى الحضيض والدليل على ذلك المستوى هو الجزء الأخير من باب الحارة والذي لم يكن له أي علاقة بالحارة وبابها واستمرار تلك التفاهات التي حاول مؤلف العمل اجترارها في الجزء الأخير والذي لم يكن له ذلك الحضور اللافت الذي كان يتمتع به في الأجزاء السابقة التي تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب تلك الخلافات بين صناع المسلسل و إفراغه من مضمونه.
هذا المثال السلبي عن الإنتاج الدرامي يقابله عدة أمثلة ايجابية من الدراما أو بالأصح الإنتاج الدرامي السوري ولعل الأبرز هو مسلسل حمام القيشاني الذي قدم عدة أجزاء تناولت تاريخ سورية عبر فترات متعاقبة ونالت احترام المشاهد ومتابعته ولم تنحدر إلى مستويات متدنية كما حصل في باب الحارة وكذلك نذكر مسلسل ضيعة ضايعة الذي أنجز منه جزءان فقط وانتهى عند ذلك كي يبقى للمسلسل ألقه ونجاحاته في ذهن المشاهد وعلى الرغم من إعادة عرضه ولمرات عديدة وبعشرات المحطات التلفزيونية الفضائية مازال يحظا بمشاهدة ومتابعة واسعة من العديد من الشرائح الاجتماعية المختلفة وذلك لأن هذه المسلسلات بأجزائها القليلة احترمت عقل المشاهد وقدمت المتعة والفائدة والتسلية بآن معاً .
الدراما السورية تحفل بكثير من الأمثلة عن مسلسلات كثيرة مازالت في الذاكرة منها من ابتعد عن سلسلة الأجزاء واستحق بذلك احترام الجمهور بعد أن حقق نجاحات كثيرة أثناء عرضه على المحطات التلفزيونية والقائمة طويلة ربما لاتنتهي لأن الدراما السورية أنتجت خلال السنوات الماضية الكثير من المسلسلات الهامة التي لامست هموم المواطن العربي ومشكلاته و تمتعت بكثير من الشفافية و بعض الحالات الإنسانية التي تميزت بها وبصمتها التي تختلف بها عن بقية الأعمال الدرامية العربية .
على الرغم من تلك النهضة الدرامية التي عاشتها الدراما السورية والحرب التي خاضتها بعض المحطات العربية التي تنتمي لبعض الدول التي تفوح منها رائحة النفط إلا أن الدراما السورية مازالت متألقة ليس عبر المواسم الرمضانية بل على مدار العام ، وإذا كانت المواسم الرمضانية محطة لبعض الشركات الإنتاجية لتحقيق المزيد من الأرباح إلا أن ما يبقى من تلك الأعمال هو الأعمال الدرامية الحقيقية التي تلامس هموم المواطن وحياته الإنسانية ولذلك فإن الأعمال المبتذلة سوف تسقط مع الزمن وهذا ما نجد ترجمته على أرض الواقع فليس كل ما يلمع ذهباً .. ولا يبقى إلا الأصيل والجوهري .

عبد الحكيم مرزوق

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...