فرع هيئة تنمية البادية يعيد تأهيل 12 بئراً…الإرهابيون خربوا وعطلوا النشاطات التنموية في البادية التدمرية

تشتهر البادية السورية بأنها كانت موطنا للعديد من الحضارات الإنسانية التي لعبت دورا حضاريا وثقافيا وسياسيا فضلا عن دورها الاقتصادي في تاريخ الشرق ، والشواهد على ذلك كثيرة في تدمر وماري والرصافة.
وتعتبر البادية المورد الأساسي للنباتات الرعوية الطبيعية التي يعتمد عليها السكان في تربية مواشيهم حيث كان يقطنها قبل الحرب حوالي 1.5 مليون نسمة منهم 550 ألف نسمة تقريبا من البدو الرحل, ونظرا لغزارة سقوط الأمطار فيها والتي تتراوح معدلاتها بين 100 ـ 200 ملم, فقد عرفت بأنها من أغنى البوادي بالمراعي الطبيعية ذات الغطاء الشجري الوافر الذي ترتاده الأغنام والماعز والإبل والغزلان..

ولكن الحرب وأعمال التدمير والتخريب الإرهابية أدت إلى توقف وتعطيل جميع النشاطات التنموية في البادية السورية، فقد استهدف الإرهابيون بحقدهم كل البنى التحتية والمشاريع التنموية والخدمية القائمة في البادية، إضافة إلى سرقة وتعطيل المعدات والآليات والتجهيزات ووسائط النقل المختلفة، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على وضع المراعي المحسنة ضمن المحميات إلى جانب المشكلات السلبية البيئية والمناخية التي تؤثر في الأمن الغذائي والثروة الحيوانية نتيجة عدم توافر الأعلاف وارتفاع أسعارها وتهريب أعداد من ثروتنا الحيوانية إلى دول الجوار، كما تعرضت الطيور والحيوانات البرية الموجودة للسرقة والصيد الجائر «غزلان- مها عربي- طائر النعام- طائر أبو منجل» هذا الوضع وما نتج عنه من دمار وتعطيل عجلة التنمية في البادية يستدعي التوقف والتأمل العميق والتفكير البناء لإعادة مشوار التنمية والبدء بوضع استراتيجية شاملة وواضحة تؤمن إعادة بناء وتأهيل وتجهيز ما تم تدميره من قبل الإرهاب.
وللحديث بشيء من التفصيل عن هذا الموضوع وحول الواقع الذي آلت إليه البادية السورية والمشاريع والخطط للنهوض بهذا الواقع التقت جريدة العروبة الدكتور عمار خضور مدير فرع هيئة تنمية البادية في حمص فقال : تبلغ مساحة البادية السورية /3ر10/ ملايين هكتار وتشكل نسبة 55% من مساحة القطر وكان يقدر عدد سكانها بـ /5ر1/ مليون نسمة ، ولأهميتها أحدثت الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية بالمرسوم التشريعي رقم /34/ عام 2006 والمعدل بالمرسوم رقم /1/ لعام 2008 ثم عدل بالمرسوم رقم /78/ عام 2011 لإحداث الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية والتي ترتبط بوزارة الزراعة.

تنمية الموارد الطبيعية
تقوم الهيئة بتنفيذ أعمالها في البادية السورية من خلال مديرياتها المركزية والفروع في /9/ محافظات في القطر لتحقيق أهدافها في تنمية الموارد الطبيعية وتنمية الموارد البشرية وتنمية المجتمع المحلي وتنمية البنى التحتية .
ومنذ تأسيسها ولغاية عام 2011 حققت الهيئة أهدافها من خلال العمل على تثبيت الكثبان الرملية والحد من زحف الرمال لمكافحة التصحر، وإقامة واحات النخيل حول آبار البادية وزراعة نبات الصبار والنباتات الطبية والعطرية , وإقامة المحميات البيئية لإعادة توطين الأنواع المنقرضة والمهددة بالانقراض من الحيوانات والطيور ، بهدف المحافظة على التنوع الحيوي وإعادة الحياة البرية، إضافة للعمل على التوسع بالمحميات الرعوية ومراكز إكثار البذار الرعوية كما تم إقامة الحفر والسدات التخزينية للاستفادة من مياه الأمطار والسيول وتوفيرها للمربين لسقاية المواشي ,وكذلك حفر وتجديد وتجهيز آبار البادية لتقديم المياه المجانية للمربين ومواشيهم وتشغيل محطات لتحلية المياه لتوزيع المياه على التجمعات المحلية المحيطة.
وللحد من حركة الآليات العشوائية في البادية بهدف المحافظة على الغطاء النباتي و استقرار الأهالي في التجمعات تم شق وتسوية بعض الطرقات التخديمية في البادية السورية , كما استخدمت الطاقة الشمسية لاستجرار المياه من بعض الآبار.
وعملت الهيئة على إقامة دورات لتنمية الكوادر البشرية فيها ، وتأمين فرص عمل للسكان المحليين من خلال العمل في مشاريع الهيئة وتوزيع المعونات الغذائية على متضرري الجفاف ، وتنفيذ دورات تدريبية مهنية ودورات محو أمية وإقامة /21/ ناديا بيئيا بهدف التوعية البيئية لطلاب المدارس في البادية ، إضافة لإحداث مراكز بيطرية ووحدات بيطرية متنقلة.

إعادة تأهيل
أدت الحرب إلى توقف وتعطيل وتخريب معظم النشاطات التنموية في البادية ، وتدمير وسرقة المباني والعدد والأدوات والمستودعات والآليات ووسائل النقل , ورغم هذه الظروف التي مرت بها البادية تابعت الهيئة أعمالها ضمن الإمكانيات المتوفرة وبجهود العاملين فيها , حيث تم إعادة جمع أضابير العاملين فيها وتوثيقها إلكترونياً وإعادة تأهيل عدد من الآليات والمعدات والآبار وإعادة تأهيل لبعض مشاتل الهيئة ومراكز إكثار البذار ( مشتل عرى في السويداء – مشتل عقربا في ريف دمشق ) وإحداث مشتلين إسعافيين في حمص وحماة ..
كما تم إحداث وحدة بيطرية متنقلة لتقديم الخدمات البيطرية إضافة لإعادة تأهيل وصيانة بعض المقرات في ( مقر فرع دير الزور – حلب – ريف دمشق – حماة – حمص – السويداء – مقر الإدارة المركزية في دمشق) ويتم حالياً العمل على إعداد الدراسات الفنية لتأهيل الحفائر التخزينية والآبار العربية .
بادية حمص ما قبل الحرب
وتحدث د. عمار عن أعمال فرع الهيئة في حمص قبل الحرب فقال : تبلغ مساحة بادية حمص / 3580000/ هكتار وتشكل 33% من مساحة البادية السورية ، و كان يبلغ عدد التجمعات السكانية ما قبل الحرب(61 ) تجمعا في أربع مناطق وهي : تدمر ، القريتين ، المخرم ، المركز الشرقي , وخلال سنوات عديدة عملت الهيئة على تنمية الغطاء النباتي الطبيعي في المراعي وتحسينه من خلال الاستزراع الرعوي والنثر المباشر للبذور الرعوية حيث كان يوجد ( 10 ) محميات رعوية بمساحة ( 140225 ) هكتارا وأربعة مشاتل رعوية وهي : مشتل تدمر بمساحة ( 4,6 ) هكتارات ، ومشتل الصوانة بمساحة ( 4 ) هكتارات ، ومشتل قصر الحير بمساحة ( 3 ) هكتارات ، ومشتل القريتين بمساحة ( 3 ) هكتارات ، ولكن بعد تعرض هذه المشاتل للتخريب وتوقف العمل فيها في فترة الحرب تم الاستعانة بمشتل السعن الاسعافي والذي تم إنشاؤه عام 2015 بمساحة دونم واحد.
وأضاف : كان يوجد أربعة مراكز لإكثار البذار الرعوية في : الصوانة 100 هكتار وقصر الحير 100 هكتار ومشتل تدمر 0,3 هكتار ومشتل وادي أبيض 100 هكتار .
أما المحميات التشاركية فكانت تبلغ ( 33 ) محمية تم إنشاؤها بالتعاون مع المجتمع المحلي ضمن الجمعيات التعاونية , أما المحميات فهي نوعان : محميات بيئية وتضم محمية التليلة ومساحتها ( 30000 ) هكتار ، ومحمية أبو منجل ومساحتها ( 30000 ) هكتار ، ومحمية الطيور المائية في سبخة الموح ومساحتها ( 20000) هكتار ، ومحمية الخضاريات ( 14300 ) هكتار ( من الاجمالي 30000 ) ، ومحمية جزل بمساحة ( 15000 ) هكتار . والنوع الثاني محميات لتثبيت الكثبان الرملية وهي : محمية مرملة في القريتين بمساحة (400 ) هكتار ومحمية السياع ايضا في القريتين بمساحة (350 ) هكتارا , إضافة لإقامة واحات النخيل حول الآبار وزراعة النباتات الطبية والعطرية والصبار

ما بعد الحرب
وحول الأعمال التي قامت بها الهيئة بعد الحرب وتطهير معظم مساحة البادية من مخلفات الإرهاب قال : تم خلال عام 2018 زراعة ( 35000) غرسة رعوية في موقع محمية الغنثر ، كما نثر فيها ( 914 ) كغ على مساحة ( 99 ) هكتارا . وتم الانتهاء من تأهيل منشأة الغنثر وإعادة تأهيل مباني ورشة الآليات والمرآب وتركيب (3) غرف مسبقة الصنع ، وهناك دراسة لإعادة تأهيل مشتل القريتين .كما أقيمت دورات تدريبية للكادر البشري في فرع الهيئة إضافة لدورات للمجتمع المحلي وللتجمعات في مشتل السعن الإسعافي.

تأهيل الآبار .. ضرورة حيوية
وأفادنا د. عمار أن عدد الآبار التي كانت موجودة في البادية ( 143 ) بئرا ، وخلال الحرب خربت وتم سرقة معداتها وحاليا العمل جار لتأهيل الآبار الأكثر أهمية والتي تسمح الظروف المحيطة بتأهيلها ، ولغاية تاريخه تم تأهيل (12 ) بئرا وهي : الزقف ، الغنثر ، البصيري ، القريتين ، أبو طوالة ، العطشان ، قطقط ، عصيان ، مشتل السعن ، حوارين ، روض الواحة ، العباسية )..
وأضاف : تأهيل الآبار وبالتالي وجود المياه يساهم بعودة الأهالي والاستقرار و يساعد على إنعاش الثروة الحيوانية التي فقدت الكثير من القطعان في ظل الحرب بسبب تخريب الآبار وغلاء الأعلاف وندرتها ،ولذلك تم التأهيل والأخذ بعين الاعتبار التوزع الجغرافي والسكاني ، وتوفر الإمكانيات .
وأشار إلى الجهود الكبيرة للعاملين في الهيئة ضمن ورشة الآبار والذين واصلوا العمل في مواقع الآبار في ظل الظروف الصعبة المحيطة بالعمل والإمكانيات المتواضعة ، تم تأهيل هذه الآبار التي سبق ذكرها ، ولابد من التنويه أن عمل الهيئة مركزي وورشة الآبار تعمل في أي موقع في البادية السورية.

صعوبات تعوق العمل
وأكد : أن العمل يسير بوتيرة جيدة وهناك محاولات جادة لتذليل الصعوبات ولكن المعاناة التي تواجهنا وخاصة التي تعترض تشغيل الآبار هي النقص الحاد في مادة الوقود ( المازوت ) فالكمية المخصصة غير كافية والحفر التجميعية جفت والآبار بحاجة لكميات جيدة من المازوت لمولدات الضخ فالكمية تكفي لتشغيل البئر ساعة في اليوم فقط .

إعادة الحياة للبادية
قبل اللقاء مع د.عمار كنا قد علمنا من مصدر رسمي بأن الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية التي تعّرض مقرها في حمص إلى التدمير والتخريب وفقدت معظم أضابيرها ووثائقها الخاصة بالعاملين ، تمكن القائمون عليها بعد تطهير المدينة من دنس الإرهاب من نقل ما بقي وتوفر من الأضابير والوثائق إلى مقرها الجديد في دمشق، وقامت بإعداد دراسة تفصيلية عن قيمة الخسائر الإجمالية الناتجة عن الأعمال والتعديات الإرهابية على مستوى المحافظات البالغة حسب التقديرات الأولية 2.6 مليار ليرة، حيث تعرض 305 آبار من أصل 373 بئراً للمياه إلى التخريب، وتم حصر الأضرار التي لحقت بنقاط المياه في المناطق التي تم تطهيرها لإعادة تأهيلها ووضعها في الخدمة، كما تقوم الهيئة بإصلاح الآليات التي تعرضت للتخريب والسرقة بعد أن تم نقلها من المناطق التي تم دحر الإرهاب منها، وإعادة تأهيل مباني مشتل عقربا بريف دمشق وإعداد الكشوف التقديرية بالأضرار الناجمة والتي رصدت ضمن الخطة الإسعافية لعام 2017 لإعادة تأهيل البنى التحتية لكامل المشتل، كما تم إنجاز إعادة تأهيل مشتل عرى الرعوي في السويداء ومباني ورش الآليات في السعن الأسود بحمص، وتم إنشاء 4 مشاتل رعوية إسعافية في السويداء وريف دمشق وحمص وحماة وتمت زراعة 50 ألف كيس لإنتاج الغراس الرعوية التي ستتم زراعتها في المناطق الرعوية المتدهورة، وتنفيذ مشروع الإدارة المتكاملة من أجل المحافظة على التنوع النباتي في المراعي والمحميات الطبيعية في البادية، وتم لهذه الغاية اختيار خمسة مواقع للدراسة في بوادي السويداء وريف دمشق وحمص…

منار الناعمة

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات... مؤسسة وثيقة وطن تشارك في أسبوع التأريخ الشفوي العاشر بالصين "عين الخضراء" بريف حمص الشرقي بلا كهرباء منذ عدة أيام نتيجة عطل المحولة مهام متعددة  يقوم بها الدفاع المدني بحمص  رغم الإمكانيات متواضعة ..  تفعيل عمل نقاط الإنذار المبكر ... إعادة فتح الموانئ التجارية في اللاذقية وطرطوس واستمرار إغلاق موانئ البسيط والصيد والنزهة باللاذقية أمسية شعرية في مهرجان الميماس الأدبي....  العريضة بريف حمص الغربي الأغزر مطرا . في احتفالية أيام الثقافة السورية .. محاضرة في  ثقافي حمص بعنوان : "الوطن في  الأدب العربي قديمه وحدي... في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج...