يستعيد الفنان التشكيلي محمد عدنان الخليل في لوحاته الكثير من الرموز الانطباعية الحضارية ، إلى جانب ذلك يجسد المرأة بأشكال مختلفة ومتداخلة ، حيث يتعامل مع الإشارات والرموز بروح فنية تبحث مكنوناته اللونية ، إذ لايهتم بالموضوع المطروح لأن هذه الرموز والأشكال هي وسيلة وليست غاية أي بمعنى آخر الغاية المطلوبة هي الأسلوب حيث يضيف تأثيرات توحي بالبعد الثالث أي يجعل الأشكال تبدو كأنها نافرة وهذا يفيد كثيرا ً في أسلوبه الخاص ، إذ لايمكننا فهم أبعاد وجماليات أعماله الفنية إلا إذا استعدنا مراحل وتحولات تجربته التشكيلية الطويلة، ففي البداية كانت رسوماته تميل إلى رؤى واقعية وأداء تعبيري، ثم أخذت لوحاته تميل بشكل تدريجي نحو الجنوح الخيالي على خلفية لونية انطباعية توحي بحضور عناصر اللوحة وعناصرها التقنية التي كان يحقق من خلالها نوعا ً من استعادة الخطوط العريضة في التشكيل التجريدي ضمن مساحات اللوحة .
في مرسمه صرخات لونية انفعالية
« العروبة « التقت الفنان محمد الخليل الذي تحدث عن المواضيع التي يتناولها في لوحاته منوها :أنه يحاول من خلال لوحاته أن يعكس إحساسه الداخلي ويسقط الضوء على مواضيع متنوعة نعيشها في حياتنا مثل / الألم والحزن والحب والأمومة والطفولة / وغيرها من الأحاسيس التي تلهم الفنان وتشكل مادة غنية لإبداعاته ، ,و يتميز بالتعامل الفني الخاص من خلال الرسم على لوحات خشبية مقتناة من الطبيعة ، تأخذ أحجاما وسماكات وأشكالا وأنواعا مختلفة « زيتون- سنديان – صنوبر- سرو – جوز « وغيرها حيث يتعاطى معها بلمسات سريعة وعفوية في أغلب الأحيان فيجعل الضربات اللونية وحركات ريشته شبيهة بفوضى الانفعالات المتدرجة بألوان صريحة على سطح اللوحة الخشبية ، ولاحظنا أيضا ً تميّزه في رسم الوجوه ( رسم صور وجوه شهداء و أبطال الجيش العربي السوري بشكل خاص ) والأشخاص والأماكن بطريقة احترافية « الحرق على الخشب « حيث يتعامل مع اللوحة بأسلوب دراماتيكي ممنهج ، يحاكي اللوحة التصويرية الفوتوغرافية الكلاسيكية بأعلى درجاتها التقنية حيث يعكس في لوحاته مدى خبرته الفنية وبالتالي الوصول إلى صياغة فنية حديثة منطلقة من الواقع .
فرصة حقيقية
ولدى سؤالنا عن رأيه في المعارض وعن نشاطاته خلال مسيرته الفنية قال : إن المعارض هي فرصة حقيقية للتعبير عن المكونات الجمالية لأعمال الفنان وذلك من خلال عرض لوحاته في صالات العرض المختلفة كونها فرصة جيدة ومعبرة عن نشاطات ولوحات الفنان في المحافظة وخارجها وذلك من خلال عرض لوحاتي لكافة فئات الناس من فنانين تشكيليين إلى نقّاد بالإضافة إلى عامة الناس وهذا بالتأكيد يعطي اندفاعا قويا وجريئا لتقديم اللوحة الحديثة والمعاصرة .
انبهار لوني متوسطي
وعن رأيه في فكرة المعارض قال بشكل عام هي فرصة جيدة لعرض مكنونات العمل الفني للفنان والتي جاءت للخروج من النمطية الجانحة نحو التكرار في محاولة لتقديم فن حداثي لألوان لديها حرية وقابلة للتجديد إلا أن التحول الأكثر أهمية في تجربته والذي أكد تفاعله مع معطيات اللمسة فكان عبر سلسلة تجاربه التعبيرية التي توضّحت أكثر فأكثر في معرضه في المركز الثقافي بحمص، حيث بدأ يسعى لإثبات حضور جمالي بصري أكثر حرية بعدها انتقل إلى لغة التعبير بالمسطحات اللونية المتفاعلة مع مساحات أكثر انفعالية وأقل هندسة وذلك لأن الهندسة اللونية هي لغة الوعي على عكس اللمسة العفوية السريعة التي هي لغة الانفعال ، حيث نجد محمد الخليل يكثّف خبرته التقنية والتشكيلية ويكشف موهبته في إدهاش المساحة اللونية لإبراز الضربات الارتجالية المباشرة التي تظهر فلسفة اللون وانفعالاته فهو صاحب تجربة فنية طويلة قدم خلالها مجموعة من الأعمال الفنية التي حازت على اهتمام وإعجاب الفنانين والنقّاد والمتابعين.
أساليب عديدة
وعن قراءته للوحة الفنية المعاصرة قال :إن الاختلاف في المفهوم العام لإنجاز اللوحة يختلف بأساليب عديدة حيث أرسم لوحاتي بعفوية ذات معطيات فنية كثيرة بحرية وغنى ، فإنني أحاول تقديم لوحات فيها حرارة وحيوية تحاكي انبهارات لونية من خلال الاستفاضة بالمد اللوني لألوان الأبيض والأزرق بشكل خاص لأن اللون الأبيض يعبر عن المد الخيالي الجمالي للفنان ومن خلال إظهار العلاقات المركبة داخل مساحة اللوحة .
مشاركات متعددة
وعن نشاطاته الفنية والمعارض التي شارك بها قال : شاركت في العديد من المعارض الفردية والمشتركة في عدة محافظات ومدن ففي دمشق شاركت في معارض مشتركة في معرض دمشق الدولي وفي حمص بمعارض عديدة فردية ومشتركة و مشاركة في معرض في صالة صبحي شعيب، أيضا لي معارض عديدة في جامعة البعث 2008-2009 / كلية الهندسة المدنية – كلية العمارة / بالإضافة إلى عدة معارض في طرطوس وصافيتا وتدمر .
ومضات أمل
وعن الأسلوب الذي يتبعه والمدرسة التي ينتمي اليها قال :أتجه في لوحاتي ً نحو تشكيل اللوحة التعبيرية والانطباعية التي تميل بتدرجاتها إلى التجريدية بجوانبها المختلفة عبر مساحات لونية واسعة تظهر انفعاله المباشر بشكل واضح من خلال كسر اللون الموّحد ضمن المساحة حيث تبدو تلك الإشارات بمثابة موسيقا بصرية ضمن مساحات اللون ، ولوحاتي لاتخلو من ومضات أمل مزروعة داخل نفوسنا تكسر قيود اليأس والحزن، وتؤكد عشقي المتواصل للنور كبريق أمل والسعي لإبراز اللمسة العفوية الباحثة عن سعادة مفقودة .
تنويع تقني
أخيرا يمكن القول إن محمد الخليل ينطلق في انطباعاته وتعبيراته إلى الفكر الجمالي عن طريق العلاقات الطبيعية وتياراتها لهذا نجد أن فناننا يبحث عن الصورة الأكثر جمالا ً لمحاولة الوصول إلى أعلى درجات من المنطق الحداثي من خلال اللون الأكثر حرارة وحيوية وانفعالية وهو لايترجم اللوحة كما هو معطى في الواقع الفعلي في لوحاته الانطباعية بل ينقل منه مايعتقد أنه يمثل مايكمن في الذهن ، لذا عمد إلى الذاكرة والمخيّلة لتوضيح الانطباعات الداخلية للأشياء والأشكال ، أي أنه اتجه إلى الصور الذهنية في صياغة التكوين الانطباعي لتجسيد المجرد حسيّا ً – بمعنى أنه يبدأ من الفعل الانطباعي لغرض الوصول إلى حقيقة تعبيرية معبرة.
يذكر ان الفنان التشكيلي محمد عدنان خليل من مواليد دمشق 1968 ، درس الفن في معاهد عديدة ومنها مركز صبحي شعيب 1992 – يحمل إجازة في اللغة الفرنسية – بالإضافة إلى أنه تأثر بأعمال الفنان التشكيلي يوسف محمد وهو أستاذ الرسم وخريج كلية الفنون الجميلة بدمشق .
لقاء : هيا العلي – وسيم سليمان