خلال توقيع مجموعة نصوص نثرية لشاعرة حمصية ,وقف الدكتور قصي أتاسي مطالباً النقاد الذين قدموا قراءة في تلك المجموعة بالكف عن تسمية النصوص النثرية بالشعر, فسأل أحدهم الدكتور قصي :هل تسمي الماغوط شاعراً ؟
أجاب «الاتاسي» :نعم ,فردَّ السائل بالقول :الماغوط لم يكتب يوماً بيتاً واحداً موزوناً ؟!ثم ساد هرج ومرج في القاعة كل يدلي بدلوه (مع أو ضد )وكل يعزز رأيه بالأمثلة والشواهد وقد لاحظت من خلال المتحاورين انقسامهم لفريقين الأول من مؤيدي كتاب قصيدة النثر ويرون فيها تطوراً طبيعياً للأشكال الشعرية كافة مستشهدين بقصائد محمود درويش النثرية وكذلك قصائد نزار قباني وقصائد وممدوح السكاف في مجموعته الصومعة والعنقاء وغيرهم الكثير الكثير .وهؤلاء ينظرون لمؤيدي الوزن في الشعر «تفعيلة أو عمود» على أنهم ،منغلقون فنياً وفكرياً .
أما المؤيدون للوزن «تفعيلة أو عمود » يرون فيه خط التماس بين الشعر والنثر, وضرورة أن يلتزم الشاعر بالتفعيلة على أقل تشعير .! وأن لا توصف النصوص الخالية من الوزن بالشعر دون الخوض في مفهوم الإيقاع الداخلي الذي يرون فيه شماعة يعلق عليها النثريون جهلهم بالأوزان وعدم قدرتهم على تطويعها للبوح بأفكارهم . خاصة وأن نثراً جميلاً فاق الشعر فناً وجماهيرية لم يسمِّه مؤلفوه شعراً ولا يحبون أن يُسمى شعراً ,وليس لديهم عقدة الشعر ,ولم تنقص التسمية من أهميته الفنية والفكرية . ويؤكد منظرو هذا الموقف أنهم ليسوا ضد النثر شرط ألا يسمى شعراً كما ذكرنا آنفاً, لأن التحلل من الوزن والاعتماد على شماعة الإيقاع الداخلي جعل الشعر «حيطه واطي » حيث تولد في كل يوم مجموعات نثرية تجد طريقها إلى المطابع ودور النشر ثم حفلات توقيع الكتب ثم صدارة المشهد الثقافي «على عينك يا شاعر » ويترحمون فيها على شعراء الحوليات الذين كانوا يقضون عاماً بأكمله ينقِّحون القصائد حتى تستحق أن تكتب بماء الذهب ,والجدير بالذكر أن الحديث عن الحروب الدائرة بين المعارضين والموالين لقصيدة النثر يضيف عنصر التشويق إلى تلك اللقاءات ,وهي اختلافات لا تفسد للشعر قضية.
ميمونة العلي