ماشدني لقراءة هذه المجموعة الشعرية أمران أولهما : عنوانها اللافت « ذئب العيون » والثاني أن الشاعرة هيام الأحمد أصبحت تشارك في الأماسي الشعرية فقبل عشر سنوات جاءتني امرأة تتأبط قصائدها .. وطلبت مني نشر تلك القصائد في (جريدة العروبة) إذا ماكانت تستحق النشر .. وهذا ماكان فقد نشرنا بعضا ً منها .
إن «ذئب العيون » عنوان يشي بالعدوان والمكر الذي يمثله الذئب، غير أن الشاعرة أرادت من ذلك الشوق واللهفة الجارفة لعيني الحبيب ، كما تتوق عينا الذئب لأمر ما ..!!
تقرأ في قصيدتها (عيون الذئب):
/روضت نفسي أن تعيش بغيركم
ذئب العيون إلى عيونك جائع
وأراك في كل الدروب منارة ً
ما الضوء إلا من جبينك نابع/
اللافت في مجموعة (ذئب العيون) أن قصائدها كلها عمودية
وهذا يدل على تمكن الشاعرة من أوزان الخليل بن أحمد الذي لو قدر له العودة إلى الحياة ، لبادر إلى شكر الشاعرة هيام الأحمد بسبب وفائها لأوزانه، وهذا يؤكد أن القصيدة العربية الأصيلة –العمودية باقية في شعرنا إلى أن يرث الله الأرض ماعليها.
بعض القصائد هي ( قصص شعرية) كما في ( موعد ) حيث يحضر الحبيب ويستعد للقاء الحبيبة التي في اللحظة الأخيرة لاتأتي .. فيموت الشوق وتنتحر الأشواق، نقرأ :
/ وضعت من حلو الكلام قصائدا ً
ذوّبت فيها عواطفي ومشاعري
وبنيت أحلاما ً تهاوت جثة ً
لما عرفت بأنك لن تحضري
يبست وريقات الهوى وتناثرت
ودعتها من يابس أو أصفر/
وتتنوع بحور الشعر ، بتنوع موضوعات القصائد .. من مجزوء الكامل أو مجزوء الوافر .. نقرأ من قصيدة /هوانا / :
/هوانا فاخر الصنف
يفيء بنعمة الحرف
نسوي الحب ألحانا ً
تذوب لروعة العزف
ونجني من بيادره
كجاني الحقل في الصيف /
موضوع واحد ، في المجموعة ، هو الحب ، ثمة عاشقان وثمة لقاءات ومواعيد تحصل أو لاتحصل أو تؤجل، لكنه الغزل العذري ..
ثمة أنثى تتدلل، وتتمنع ، وثمة جفاء أو وصال نادر ..
والحبيب أضناه الهوى ونال منه العشق … بينما تبدو الأنثى معاتبة أو في شوق أو غير مبالية ،نقرأ من /لاترحلي/ :
/فلتشعلي نار الفؤاد وتكملي
درسا ً لصب من طراز أول
ما أنت إلا للغرام دليلتي
بالشرح عن حال الهوى لاتبخلي
نور إذا حل الظلام بخاطري
ظلي معي يانجمتي لاترحلي/
ثمة قصيدتان عن تعلق الأم بوليدها ولعل الشاعرة خصت بهما أبناءها هما قصيدتا /فلذة كبد / و/يوسف/ نقرأ من (فلذة كبد) :
/ سلام الله ياحلما ً
يضاهي فلذة الكبد
نذرت القلب قربانا ً
إلى ربي رفعت يدي
وهاعيني فنم فيها
كحال الروح في الجسد /
والحديث عن شاعرة ما في حمص ، يقود إلى الحديث عن «شاعرات» برزن في المشهد الشعري بحمص خلال السنوات الماضية ومنهن / هيام الأحمد وخديجة حسن وهيام عبدو . والشاعرة الزميلة ميمونة العلي .. وهذا كما يرى بعض النقاد يشكل تفوقا ً في عدد الشاعرات في حمص ..
عيسى إسماعيل
المزيد...