الحمامات الأثرية بحمص…قصة تاريخ طويل ومهنة مهددة بالاندثار … البدء بترميم أحد الحمامات مع المحافظة على هويته التاريخية والأثرية

تعد مدينة حمص ثالث أهم المدن السورية بعد دمشق وحلب وجعلها موقعها الاستراتيجي المتوسط لمفترق الطرق التجارية  مركز الصدارة بالنسبة لسورية ولها جذور ضاربة في التاريخ القديم …

وحديثنا اليوم عن أحد الحمامات الباقية في مدينة حمص اعتماداً على دراسة بحثية تاريخية زودنا بها  أعضاء لجنة الأسواق التراثية في حمص .

بينت  الدراسة  أن الحمامات العامة لاقت رواجاً كبيراً في مدينة حمص نتيجة الاهتمام المجتمعي ولخلو معظم البيوت من المصادر الدائمة للمياه الأمر الذي جعل الحمامات العامة أحد الأركان الأساسية من النسيج العمراني للمدن …

ولم تقتصر الحمامات في مدينة حمص على النظافة فقط وإنما تعدتها لأغراض أخرى فكانت بشكل عام واحدة من أهم الأماكن التي يقضي فيها الكثيرون أوقاتهم وكانت مسرحا يلتقي فيه الصحبة و يقصدونها لقضاء أوقات فراغهم وإحياء العديد من المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزواج و الختان و الخطوبة وغيرها.

ووصل عدد الحمامات في حمص إلى ٢٢ حماماً و توزعت بشكل أساسي حول الجامع النوري و في الأزقة و الحارات  ومناطق الأسواق  ,و لم يتبق من مجمل الحمامات إلا أربعة منها الحمام الأثري الذي يقع بالقرب من جامع البازرباشي و المنطقة تعتبر منطقة تجارية هامة إذ يتضمن محيط الحمام العديد من الأسواق التجارية الهامة وعلى رأسها سوق البازرباشي وسوق الصاغة  وسوق المنسوجات و غيرها من الأنشطة التجارية.

ويشغل الحمام مساحة مستطيلة غير منتظمة الأضلاع ويتكون من كتلة الدخول و ثلاثة أقسام وهي البراني و الوسطاني و الجواني متبعة بعد ذلك بالقميم.

و على الرغم من بساطة الواجهة إلا أن المعماري ميز كتلة المدخل بزخارف الأبلق( وهي أحد الطرق القديمة التي استخدمت في زخرفة العمارات منذ عصور ما قبل الإسلام)و دمج المعماري بين الأحجار البازلتية السوداء  و الأشرطة الرخامية بيضاء اللون بالتناوب  و تم شغل منطقة النفيس التي تعلو فتحة الدخول بزخارف من الرخام الأبيض تشبه أشكال الأسهم وشكلت بهيئة شعاعية  وكأنها تنطلق للأعلى من مركز واحد ..

أما  للقسم البراني يتألف من قاعة وسطى مربعة الشكل يطل عليها أربعة إيوانات..

ثم الدور قاعة و هي مساحة مربعة الشكل كُسيت أرضيتها ببلاطات من الرخام متعددة الألوان ومختلفة الأحجام وفي وسطها نافورة بثلاثة مستويات كل منها على شكل وردة متعددة البتلات.

ثم الإيوان الشمالي مستطيل الشكل وفيه مصطبة   ثم الإيوان الجنوبي وهو مستطيل الشكل  يشرف على داخل دور قاعة  وفي صدره قمرية مستديرة للإضاءة و التهوية …

ثم الإيوان الغربي مستطيل الشكل ثم الإيوان الشرقي  ثم القسم الوسطاني وهو أول أقسام الحمام الفعلية للحمام ثم القسم الجواني…

أما القميم وهو المستوقد فالدخول إليه من باب خاص بالطرف الجنوبي من الواجهة الغربية …

أما مصادر إمداد الحمام بالمياه فهي عن طريق شبكة من الأقنية  الفخارية من المنبع الرئيسي للمدينة بالإضافة لوجود بئر خاص بالحمام ويعتمد تسخين المياه على البناء الساخن الذي يُستخدم فيه التسخين الجاف التي تعتمد على ممرات للهواء الساخن أسفل أرضية الجواني …

تعرض الحمام للتخريب نتيجة الأعمال الإرهابية خلال الحرب التي شهدتها البلاد و اليوم و بهمة الغيورين على تاريخ البلد يقوم عدد منهم بالبدء بعمليات الترميم مع المحافظة على الهوية التاريخية والأثرية للحمام ..

هنادي سلامة

المزيد...
آخر الأخبار