«خيانة النص» هو مصطلح نقدي توصل إليه النقاد في الإشارة لمدى تأثير ذات المترجم على أي نص أدبي سواء كان شعراً أو قصة أو حتى مقالة علمية صرفة ,واللافت في هذا المصطلح هو انقسام الأدباء لفريقين في هذا المجال ,فريق منهم يرى أن الترجمة فن أدبي له أخلاقه وأدبياته ,وأمانة نقل النص أهم قاعدة يتوجب على المترجم التقيد بها والترجمة عنده تتعلق بمسألة الأخلاق,وأن قيام بعض المترجمين بالحذف أو الالتفاف على مفردات أو معان من النص المترجم منه ليس له مبرراته حتى لو كانت تتعلق بالمحرمات والموبقات و حتى لو ارتكبها المترجم تحت عنوان «تدوير الزوايا «الاضطرارية بحجة توافق النص المنقول مع قيم ومبادئ المجتمع الذي نقلت النصوص إليه ,ويرى هؤلاء أن الترجمة الحرفية واجبة حتى في الشعر, دون الاهتمام بالنص بعد الترجمة ومدى فقدان النص الشعري لطاقته العاطفية عند نقله من لغة إلى أخرى حيث تموت الروح من النص المنقول وتصل للمتلقي الآخر مجموعة من الجمل»دوكما» _إن صح التعبير_خالية من أي شعور ,طبعاً مناسبة هذا الكلام هو استماعي لبعض الشعر المترجم في ندوة خاصة به ,فقد كانت بعض النصوص تدلق فوق رأسي سطلاً من الماء البارد تجعلني أتعجب من مترجمها :لماذا تجشم عناء الترجمة ؟طالما أنها لم تصلني كمتلقٍ أكثر من جمل مرصوفة قرب بعضها دون حياة.
وعندما ناقشت المترجم في ذلك قال لي: هي أمانة نقل النص لأن أي تغيير فيه هو خيانة للنص الأم ولكاتبه وللغة المنقول عنها ,هذا رأيه وأنا أحترمه ولم أقل غير ذلك خاصة وأن الترجمة كانت وما تزال دليل تقدم وازدهار أدبي لغوي اقتصادي وهي ضرورةٌ لمد جسور التواصل بين الحضارات و الثقافات.
لاسيما وأن هذا الفريق من المترجمين يعيب على الفريق الآخر خيانة النص الأصل ويجرِّمه لأن الحرية التي أعطاها لنفسه تُخرج القصيدة بعد الترجمة كأنها مقال في الفلسفة وتجعل من الرواية قصة, فكيف هي الحال مع ترجمة الشعر الموزون إلى لغات لا تعرف العروض وهذا مجال يطول لا وقت له هنا.
ميمونة العلي
المزيد...