شجرة «زنزلخت»
من سنوات، اعتاد سكان الأبنية المُجاورة على وضع القمامة بأكياس خاصّة، لِرميِها بالحاوية المُخصّصة لذلك.. أحد المستأجرِين الجدُد، وضعَ ليلاً، «والليل أخْفَى للويل»، كيسَ القمامة أسفل شجرة «زنزلخت»، وارفة الظلال، التي تأذّت كثيراً من محتويات الكيس، ومن الرائحة المُقزّزة.. في الصباح، كان هناك أكثر من كيس قمامة أسود البشرة، إلى جانب الكيس الليليّ اللصّ! أمَّا هو، صاحب الخُلُق النبيل، فقد وضع الكيس المحمول من البيت، المربوط من عنقه بعناية، داخل صندوق سيارته، فقد اعتاد من سنوات، رميه بإحدى الحاويات القريبة، وبكلّ مرّة، كان يشعر براحة ضمير، وهناءة نفس..
دُخّان
بتطفّلٍ قال الرّجل الماشِي بالطريق، الذي لم يدخّن سيجارة واحدة بحياته، لطفلٍ ينفخ دخان السّيجارة من منخريه، ومن عينيه وأذنيه أيضاً: «كم عمرك يا بنيّ»؟ خجل من السؤال المباغِت، هربَ.. الطفل الذي لم يتجاوز العشر سنوات، السيجارة أطول منه وأقوى..انزوَى بِركنٍ قَصِيّ، لمتابعة تعاطِي هذه السيجارة الملعونة، العابقة بمادة «النيكوتين» تسبّب الكثيرَ من العلل والأمراض، هل يرْعوِي الكبار أوّلاً، ليكونوا القدوة الحَسَنة؟!
كذوب ومِكذاب
تواعدا على اللقاء مرّاتٍ، وفي كلّ مرّة، كان «دندول»، يخلف بوعده، لا يأتي إلى المكان المتفّق عليه.. في اللقاء الذي جمعهما، بعد عدّة مواعيد فاشلة، كان يختلقُ لصديقه «سامح» حججاً شتّى، مُمَلّحة بأعذارٍ أوْهَى من بيت العنكبوت.. مرّة، قال «دندول» لـ «سامح» بوقاحة: «لن آتي للقائك ثانية، فأنت بالتزامك، ودقة مواعيدك، تسدّ عليّ أوكسجين الحياة، تخنقني، فأنا، لم أفِ من ثلاثين سنة وأكثر بوعدٍ مع أيّ صديق أو قريب، اليوم جئتَ لتخنقني بمواعيدِك الدقيقة؟!.. الآن أقول بالفم الملآن: «حبل الصداقة، الذي التأمَ بيننا من نحو شهرين، قد انقطع، فأنا ما تعوّدت أنْ يخنقني أحدٌ بدقة المواعيد والمواقيت»، وافترقا إلى غيرِ رجعة!
الرّصيف
أتساءل مثل كثرةٍ كاثرةٍ: «أليس من مسؤولية البلديات تجهيز الأرْصفة للمشاة»؟ السؤال المُضْنِي: «لماذا نترك إذاً الرّصيف المُخصّص للمشاة، ونمشي ضمن مساحة الشارع، المُخصّصة للسيارات، والدراجات، على مختلف طُرزها وأنواعها»؟ السؤال المُوالِي: «هل وُجِدت الأرصفة لوقوف السيارات، ووضع بسطات الخضار والفواكه والأحذية»؟ سؤال مُسانِد: «هل يتعلّم المشاة، السّيرَ على الأرصفة المُخصّصة لهم»؟ وسؤال له وخزة شوكة صبّار مُؤذٍ: «هل نتعلّم أيتها السيدات، أيها السادة، السير على الأرْصفة، خوفاً من رعونة سائق متهوّر، أو هبوب دراجة نارية، أو دراجة عادية، قد تسبّب لنا الأذى والضّرر، حينها يقول أحدنا لنفسه بلغة التأنيب: ولاتَ ساعة مَنْدمِ»؟!
منجزات حضاريّة
ما قامت به البلدية الموقّرة، بخصوص هندسة الدوّارات، وتزيينها وزخرفتها، وزرع مساحاتها بالورود والأزهار والعشب الأخضر، وترتيب وهندسة عدد من الحدائق التي خرّبتها الأيدي الآثمة، لتبدو للناظرين، على أنّها مشهد حضاري بامتياز، كلّ هذا عمل وطنيّ، وجهد مشكور، «وصاحبُ الفضل يُذكَر ويُشكَر».. على أنّ هناك مبادرات فردية طيّبة المذاق، قام خلالها أفراد من أبناء المحافظة، بتغطية نفقات هذا المنجز الحضاري، أو ذاك، هذه السّاحة أو تلك.. هل يكونون قدوة لأصحاب الجيوب المليئة، بأنْ يكونوا عوناً لبلدهم ومجتمعهم، فيبادرون لابتكار أعمال، ومنجزات، وجداريّات، ومنحوتات، ومشهديّات مائيّة راقية، تكون مصدراً للفرح والسّرور؟
«أربع وعشرون» ساعة!
البدهي والمعروف، أنّ اليوم أربعٌ وعشرون ساعة.. السؤال مُفادُه: «هل فكّر أحدنا، كيف يقضي هذه الساعات الطويلة؟ أبالقراءة، أبالتّسكّع بالشوارع والطرقات والأسواق؟ أبالجلوس أمام المحلات، والبيوت، والتّلفاز، بحجّة التّرويح عن النفس اللوّامَة، على أنّ هذا المشهد يتكرّر يومياً؟.. وللحديث عن أوقات طلاب الجامعة وطالباتها، مُرتادِي المقاهي بإدْمان، ليتعاطوا «النّرْجيلة»، حديثٌ ذو شُؤون وشُجون وطُعُون..
وجيه حسن