تحية الصباح ..استراحة ليست للقلب
في زحمة القضايا الحياتية وحضور المتاعب والهموم على مسرح الأيام وما يناله أحدنا منها وهي كثيرة جدا لا بد من إعطاء فسحة للمشاعر والأحاسيس بحيث نفيء إليها ليكون لبعض لحظات العمر مساحات تتسع شيئا فشيئا كدوائر في بركة ماء راكدة فتكون التموجات كفيلة بتحريك مروحة الهموم بعيدا لنقف على أعتاب أمداء تضيء صباحات الأمل المعنونة بالحب وحضور النصف الآخر مضمخا بالجمال على متكأ من مختلف أوراد النفس المتطلعة إلى ربيع يغطي فصول الشوق والاشتياق ,وهذا يتعلق بمكانة ذلك النصف عندنا .
وفي مكان آخر يقول طاغور : إذا شاء الرجل أن يسكر فويل له إذا سكر من قلب امرأة .
وللحب وقع ذو شجون لا يعيشه إلا من وقع فيه يقول أحد الشعراء :
تشكى المحبون الصبابة ليتني
تحملت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لنفسي لذة الحب كلها
فلم يلقها قبلي محب ولا بعدي
والعشاق كثيرا ما ينتابهم الحزن ويأخذهم الشوق إلى مطارح منه يقول شاعر آخر :
ما يعرف الحزن إلا كل من عشقا
وليس من قال إني عاشق صدقا
للعاشقين نحول يعرفون به
من طول ما حالفوا الأحزان والأرقا
وكلمة الحب لها مكان ومكانة عند كل أفراد الجنس البشري وعلى اختلاف سوياتهم العمرية فلا يمل الإنسان العاشق من تردادها ولا يبلي الزمان جدتها ولا تنقص الأيام جمالها ورونقها تعيش مادامت الحياة باقية ومستمرة فهي تتردد في زقزقة العصافير ورفيف الأجنحة وحفيف أوراق الأشجار وما تبوح به الأوتار وفي خفقان القلوب وتتابع النبض وتدفق الدم من وإلى القلب في همس الأرواح ومناجاة النفوس ولا يمكننا أن نتصور أن العالم يستمر بدونها فالحب من النعم الكبيرة التى أنعم الله بها على البشرية فهل أعطيناه حقه وعشناه من خلال أرقى وأجمل القيم التي تجسده سلوكا عابقا بالتفاصيل التي لا يطالها الملل وقد رسخت معان ، مضمارها الحياة الإنسانية برمتها .
ومن الجدير بنا القول: إن الحب يصيب كل مفاصل حياة الإنسان عندما يدرك ماله وما عليه وينشر ظلال الحب على حبه لمدرسته ومعلميه ويحب عمله بإخلاص ويتقنه على أكمل وجه ومن ثم يحب أسرته وكل ذلك الحب يوظفه في حب لا يماثله ولا يدانيه حب آخر وهو حبه لوطنه الذي تنفس هواءه وشرب ماءه وأكل مما وفره له من طعام وعليه أن يترجمه استشهادا عندما يتطلب الأمر ذلك .
ومن الجمال والروعة بمكان أن تبقى جذوة الحب مشتعلة متوهجة لتبقى الحياة بكل تفاصيلها أجمل ويمكننا القول إن تاج الحب وحدّه الأعظمي عندما نعيش اللحظات ممزوجة بمشاعر الصدق والوفاء بعيدا عن القيم المادية فعندما نعيش الحب بقيمه الفكرية نكون قد ألبسنا القيم المادية ثياب الرقة والوداعة والجمال المتجدد الذي لا ينتهي .
شلاش الضاهر