تشكل خدمات الرعاية الصحية التي تتكفل بها الدولة عبئاً كبيراً خاصة و أن نسبة كبيرة من هذه الخدمات تقدم بالمجان بشكل كامل في المشافي و المستوصفات و المراكز الطبية و الفرق الجوالة , واكتمل تحسن الرعاية الصحية للمواطن بعد صدور مرسوم ألزم جهات القطاع العام بالتأمين على جميع موظفيها والهدف حصول المؤمن عليه على أفضل مستوى من الرعاية الطبية ..
و لكن و بسبب الحرب و العقوبات الاقتصادية و تضخم الأسعار وسعي البعض لتحقيق مكاسب شخصية من خلال عمليات سوء استعمال البطاقة التأمينية من قبل بعض الأطباء و الصيادلة والمراكز الطبية و مخابر التحاليل بالتعاون مع المتضرر الأول وهو المؤمن عليه …. أصبح واقع التأمين الصحي مشوباً بالكثير من حالات الخلل الفعلي ..و تسجل سنوياً خسائر بالمليارات تتكبدها المؤسسة العامة السورية للتأمين نتيجة الفجوة الكبيرة بين عائدات التأمين و المبالغ التي يتم إنفاقها عليه , كما تسجل عشرات حالات التلاعب وسوء الاستخدام يومياً… يقابلها تعديل على التغطيات التأمينية و تعليق حالات و رفض أخرى , و أساليب ملتوية يلجأ لها الموظف لتحصيل شيء من حقه الذي يراه ضائعاً ليجد نفسه خاسراً مرتين …
و تبقى شركات إدارة النفقات الطبية والتي تعتبر وسيطاً هي الرابح الأكبر و المتحكم بعدد المستفيدين بشكل فعلي – حتى لو أنكر المتخصصون بالشأن هذا الواقع –
و في استعراض سريع لواقع التأمين الصحي رصدنا حالة عدم رضا بالجملة بدءاً من المؤمن عليهم إلى مقدمي الخدمة والشركات الخاصة وصولاً إلى فرع المؤسسة السورية للتأمين
ليبتعد التأمين الصحي عن هدفه الأساس و يتحول إلى مكسب تجاري للبعض و ضربة حظ لآخر و ضياع فرصة استشفاء للكثيرين ..
و يبدو أن الحل لتحسين واقع التأمين الصحي بشكل عام هو إعادة هيكلة بوليصة التأمين الصحي بما يتناسب مع الواقع الفعلي و إصدار التشريع الناظم للقطاع وتوحيد الحد الأدنى لعقود التأمين الصحي و التغطيات للعاملين في القطاع الحكومي و تشميل أفراد أسرة المؤمن عليهم و دراسة تعرفة وزارة الصحة للخدمات الطبية المقدمة …و الأهم من كل ما سبق ذكره رفع مستوى الوعي التأميني و وضع عقوبات رادعة بحق المتلاعبين لتعود الأمور إلى جادة الصواب وهو أمر ليس مستحيلاً..
العروبة – هنادي سلامة