حمص ملهمة الشعراء…من شربَ ماء عاصيها تغزل فيها شعراً وحنَّ إليها أبداً

ألهمت حمص الشعراء منذ كان اسمها «إميسا» حتى ديك الجن وكان «العاصي» العنيد من أبرز الموضوعات التي تناولها الشعراء في قصائدهم ولم ينسوا أن يتباهوا بجوليا دومنا الامبراطورة الرومانية من أصل حمصي ومنهم من كتب لقلعة الحصن وآثار تدمر وساعة كرجية حداد مفاخراً بمعالم حمص وآثارها وسنبحر في هذه المادة مع طاقة من الشعراء لنقتفي آثار حمص في قلوب قصائدهم .
ومن أبرز الشعراء الذين تغنوا بحمص الشاعر محمد مهدي الجواهري أهدى قصيدة لشباب حمص المثقف الأصيل واصفاً إياهم بصناع المجد :
يا شباباً بحمص يجمع لطفاً من ورود وقــــــــوة من أسود
هكذا مثل لونكم في المنايا والأماني كان لــــــــون الجدود.
يا أغنية حلوة
أما سليمان العيسى الذي عشق وادي النضارة غربي حمص وكان يأتي إليها صيفا لشدة عشقه لحمص التي تتشارك مع قريته النعيرية نهر العاصي فكتب عدة أبيات جاء فيها :
يا أغنية …حلوة
حطت على هذي الروابي
خلّني… أطرح على شرفته
تعب العمر… وأنسى
بعض ما بي
يا بلادي أنت أحلى
فاسلمي
من ذراك الخضر
قطرات شرابي .

المقامة الميماسية
يُقال كل من شرب من ماء حمص حنّ إليها طبعاً من ماء العاصي الذي كان عذباً رقراقاً قبل أن يجف قسم كبير وتصب فيه المنصرفات وهذا ينطبق على ابن حمص البار الدكتور غازي مختار طليمات الذي غادرها جسداُ بسبب العمل لكنها سكنت قلبه وروحه وعندما عاد إليها بعد حين ورأى التلوث قد غزا الميماس كتب المقامة الميماسية ينعي فيها عذوبة نهر العاصي ويشكو من التلوث الذي غزا قطينة فيقول: : حدثني حبيب بن لبيب عن سيار بن عيار ,قال: قضيت فترة الشباب بين «الدوير»و»الخراب» لا حجبني عن الشمس حجاب ,ولا يصد عني الريح باب, فإن رغبت في الاستئناس ,بصفوة الناس, نزلت الميماس .
قلت متى كان في العاصي هذا الجمال أفي «سفربرلك» أم في عهد الاستقلال .قال أدركته في أول عهدي كما كان في عهد جدي .فقبل ستين من السنين كان العاصي أشفى من البنسلين والإسبرين ,وأصفى من ماء بقين ,تبصر ما فيه من البني والكرسين وترى فيه من السلور كأنه في جام بلور ,لا يحجبه عن البصر كدر ,ولا يطفو عليه قذر ولا وضر .
ثم يختم المقامة بالقول:إذا تفاءلت بالميماس ملتمساً
بعض الجمام تبدى وهو مشؤوم /فالمرج صار «كراجاً » أرضه عجنت /بالزيت والشجر المحموم ملجوم
لهفي على «قشق» جدرانه قصب/والسقف بالحور والصفصاف مركوم
أبعد ما كنت يا ميماس تغرقني /صارت تشكّى من الضحل العلاجيم
سيف الله يحرسها
الشاعر معروف ناصر كتب لحمص في مجموعته الصادرة حديثاً بعنوان» نفحات وجدانية «: حمص العروبة سيف الله يحرسها /تُدعى بأم الحجار الصمِّ والسود
وخالد يغفو فيها فوق رابية /ابن الوليد وذكراه بتأبيد
وساعة شمخت في الجو وارتفعت /بموقع القلب من باب النبي هود
وساهمت في بناء الصرح سيدة / كرجية من نساء الخرًّد الغيد
آثار تدمر والتاريخ خلدها /ينبيك ماضيها عن سر ومجهود
وقلعة الحصن تحكي سر روعتها وقلعة شمخت في الساح كالطود
أما الشاعر أحمد الحارة فتحدث عن العاصي الجميل وحمص العدّية في صور حسية حركية كقوله :
لجلاله العاصي تحف ّ به درباً يعرى لها العاصي المطيع فترتدي
يا شاعر العاصي تطوف مغـــــــرداً فيه …أصرت اليوم طيف مغرد
ويقول شاعر تدمر برهان الشليل أجمل ما في حمص هو جمهور الشعر الذواق المثقف فيقول:
خذي شفتي وضميني ونامي في شراييني
لأنت الأم تحضننا وأنت الصدر يأويني
أنا الظمآن يا بلدي وها عاصيك يرويني
خذي شفتي أماه وقولي ظل يبكيني

حمص تجمعنا كالأم
ويرى الشاعر حسن أحمد كتوب في حمص أمه التي تجمع أبناءها على حبها والتضحية في سبيل الحفاظ على تربتها خضرة يانعة فيقول داعيا للمحبة بين أبنائها: أن نلتقي في حمص نحكي في الأدب فهو السبيل لجسرنا نهر العتب
ويعود للعاصي نقي مياهه وتزغرد الالحان في جوف القصب
وبباب عمرو أن تعرش زهرة والخالدية تشتري حلو العنب
من زيدل فكأننا في غوطة او كرم لوز تحته ننسى التعب
وتناولت مادلين الطنوس حمص بعدة قصائد قائلة:
یا حمصُ ردّي حُبورَ العُمرِ في عَبَقٍ
أنتِ الخمیلةُ فیكِ القومُ عُشّاقُ
یا حمصُ بعضي بسحرِ الهمسِ مزدحمٌ
فالطیرُ یصدحُ حیث الروحُ تشتاقُ
لمّي جراحَكِ یا دمعَ النهُّا شفقاً
یا ظلَّ نفسي ودمّي فیكِ سبّاقُ
النّرُ یمشي ودیكُ الجنِّ یٌنشِدُكِ
شعراً ولحناً ووحي الماء رقراق
أما الشاعر نبيل باخص فيرى في حمص الحبيبة الأولی فيقول:
من بلاد الحب أشدو يازماني
طائرابالشوق أحكي ماعراني
حمص في قلبي وفي روحي صداها
قد هداني الشعر أعماق المعاني
في ثناياها تهادی الحبّ لحناً
غرّدت كالطير في أسمی معانِ
ذكرياتٌ بالهوی تبقی طويلا
ذكرياتٌ مالها في القلب ثانِ
روض خالد
أما الشاعر حسن داود من اللاذقية فقد زار حمص مرات كثيرة وشارك في منابرها الثقافية يقول مترنما بمعالم حمص:
قد خصها الله من أنواره عبقاً
بنهر عاصٍ وديكِ الجنِّ قم باهِ
فيها مهاةٌ بضوع المسك قد عبقت
تسائلُ الريمَ هلْ فيكُنَّ أشباهي ؟
وترى الشاعرة عفاف خليل في حمص صبيّة تمشّط شعرها بالأمل … وهي تهدي حبيبها قمراً كان يحاول الصعود …لينزل في شوارع المدينة المتعبة .
فتقول: في أحد القصائد :
عاريةٌ حمص
تلبَسُ الخوفَ والقلقَ والزمهرير
تغتالُ الحكايا ..
يأتي بائعُ الحليب …
ينادي … ينادي … ينادي …
تجيبُ الملوحةُ ..يجيب الخراب. ..يجيب الرصاص …!
وتبقى المدينة …بدون جواب !!!!
لملمي خطوك دون المرايا ..!!
زجّي ذاكرة النخيل
على قارعة الحب
تعالي حمص
نوقظ أعشاش حبٍ فوقَ الشّجر !!!!

ميمونة العلي – سلوى ديب

المزيد...
آخر الأخبار