لو أدرك الأهل أهمية الكلمة الطيبة وأثرها السحري في نفوس أبنائهم ،لما بخلوا بها أبداً ،لأن التربية السوّية المبنية على الحب والكلام المشجع والاهتمام المستمر بالطفل تنشئ جيلاً سوياً يتمتع بالأخلاق الحسنة والقدرة على العطاء والتفاعل مع الآخرين ويمتلك المبادرة لفعل الخير ،كما أن إشباع الطفل بالعاطفة الصادقة من الأبوين ستجعل منه فرداً محبّاً لوطنه ،صادقاً في تعامله مع أبناء مجتمعه ،قادراً على التضحية وبذل المشاعر بصدق بعيداً عن الزيف والرّياء .
لقد ثبت مؤخراً أن التربية بالحب تزيد معدل الذكاء عند الطفل وتمنحه الصحة الجسدية والنفسية ،كما أن الاهتمام والرعاية لهما تأثير مباشر على الدماغ ،في حين أن الكلمات السيئة التي يقولها الآباء لأبنائهم في حالات الغضب تحفر في وجدان الطفل وذاكرته وتقلّل من ثقته بنفسه وتخلق عنده العدوانية والانطواء وتدفعه إلى السلوك السيئ ،فالكثير من المجرمين كانت طفولتهم بائسة وعانوا من قسوة آبائهم وعاشوا في جوّ من الكراهية والمشاحنات بين الوالدين ولم يتذوقوا حنان الأهل مما جعلهم غير أسوياء ودفعهم نحو الانحراف وارتكاب الجريمة .
هناك كلمات تدّمر الطفل أو تدفعه إلى إنهاء حياته ،ومن ذلك أن إحدى الأمهات قسَت على ابنها الذي حصل في الامتحانات العامة على درجات أقل بكثير مما كانت تتوقعه الأم فقالت له بالحرف :لو كنت تمتلك ذرة من الإحساس لانتحرت الآن فما كان من الطفل إلا أن ألقى بنفسه من شرفة بيته المرتفعة ولقي حتفه ! القسوة في التعامل مع الأطفال تقيّدهم وتحدّ من تنمية مهاراتهم ،والاستهزاء بشكل المراهق أو تصرفاته يفقده الثقة بنفسه ويوصله إلى مرحلة من الخجل الشديد الذي يصنف كمرض يعاني منه البعض فيخفقون في المستقبل بسبب عدم قدرتهم على مواجهة الآخر ،أو التعبير عن أنفسهم أو مواهبهم .
ربّوا أبناءكم بالحبّ ،وحاوروهم ،واغمروهم بفيض المشاعر ،فمن يزرع الحب في نفوس أبنائه سيحصده مستقبلاً .
سمر المحمد
المزيد...