تحية الصباح .. بين العين والقلب

في المسافة الفاصلة بين العين والقلب تأخذ الأشياء أشكالها ترتاد الجهات معلنة بزوغ صباحات تمتد بعيدا وقد حملت أحلامنا على أهبة صمت ناهض وحروف تضوع ملء الوقت حنينا يكتبنا على شرفات أمنية تفرد أجنحتها على غيمة عشق حبلى بمواسم لو تقاسمناها نحن البشر لكانت الحياة على الأرض جنة غناء . هو العشق الذي يجعل من الفرح رحالة في تضاريس الروح وسرورا ينساب شلالات توهج في تفاصيل القلب و كامن كمون النار في الحجر إن قدحته أورى وإن أهملته توارى . أما قتيل الهوى فلا دية له أبدا وأسيره لا يفتدى أبدا . قال عبد الله بن جندب : خرجت فرأيت قوما فيهن امرأة كأنها منحوتة من فضة فتمثلت بقول قيس بن ذريح :
خذوا بدمي إن مت كل خريدة        مريضة جفن العين والطرف فاتر
فقالت المرأة : يا بن جندب إن قتيلنا لا يودى وأسيرنا لا يفدى .
وبعض الشعراء طالب بالاقتصاص من محبوبه كونه السبب في موته يقول أحد الشعراء في ذلك :
خليلي إن حانت وفاتي فاطلبا         دمي من سليمى واطلبا بجميل
ومنهم من كان يطيب له أن يتعذب في هوى من يحب ويجد لذاذة في ذلك
يقول المجنون وهو قيس بن الملوح الذي اشتهر بحبه لليلى :
يقولون ليلى عذبتك بحبها          ألا حبذا ذاك الحبيب المعذِب
وكم كان العذاب يفعل فعله بالمحبين عندما يقول الزمن كلمته في افتراق أو رحيل يقول البحتري :
رحلوا فأية عبرة لم تسكب       أسفا وأي عزيمة لم تغلب
لو كنت شاهدنا وما صنع الهوى بقلوبنا لحسدت من لم يحبب
 وقد أجمع الأدباء في تفضيل قول أبي الشيص في التذلل للمحبوب واستدرار عواطفه نحوه بأقصى ما يمكن يقول :
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي        متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة             حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم    إذ كان حظي منك حظي منهم
ولا يتصور بعضهم أن الحياة يمكن أن تكون مع غير من يحبون يقول أحد الشعراء في ذلك :
فكل حياة مع سواك منية       وكل ضحى في أرض غيرك غيهب
والبعض الآخر ذهب بعيدا في شدة تعلقه بمن يحب وأكثر مما يتصوره العقل وفي قول توبة الحميري ما يؤكد ذلك :
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت            علي ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا   إليها صدى من جانب القبر صائح 
وفي هذا المعنى يقول أبو العتاهية :
ولي فؤاد إذا طال العذاب به        هام اشتياقا إلى لقيا معذبه
يفديك بالنفس صب لو يكون له   أعز من نفسه شيءفداك به
ولا بد من أن نكون في ضيافة الشاعر بشار بن برد الذي فقد بصره فعوض أن كان عشقه سماعا يقول :
يا قوم إذني لبعض الحي عاشقة         والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم   الأذن كالعين تؤتي القلب ما كانا
هي الحياة بمفرداتها المختلفة ويبقى الحب بكل عناوينه مسافات نعبرها على أجنحة الأماني عبقا لا يخبو وأمداء تزهو بمن عرف كيف ينقل قلبه في أرجائها من أجل صباح تسطع شمسه في كل الجهات.

شلاش الضاهر

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...