عندما تدخل السوق تشعر بأنك وطأت ساحة عراك تتناوشك الأسعار كمخالب ويحاوطك الغلاء أنى وقع ناظراك ، ومع هذا الترحيب بـ « أهلاً وسهلاً « يلاحقك أينما حللت وبابتسامة يدعوك أصحاب المحال فيها لزيارتهم تسبقها كلمة « تفضل» يعني يوجد لطف وكرم ضيافة يوازي « لاقيني ولا طعميني» ، أما « طعميني ولا تلاقيني» فهذه معادلة صعبة على تجار السوق الذين خبروا من أين تؤكل الكتف ؟؟!
إلا أن بيت القصيد أن كل حاجياتك يا مواطن متوفرة والمشكلة فقط في «نقودك» التي غالباً ما تخذلك ، وتضعك في صراع مرير أمام مجموعة طلبات ثمنها يفوق مدخولك، مضروباً بأضعاف مضاعفة ، وعلى نحو من السرعة تعلن الانسحاب بأقل الحاجيات والضروريات متجاوزاً أشياء كثيرة أبصرتها لمحاً وتجاهلتها عن سابق إصرار وتعمد كي لا تقع في شرّ شرائها فالغلاء سيد الموقف ، قبل العيد وبعده ومستمر ، أسعار لا تناسب الدخل وكل الآمال والطموحات المعقودة بزيادة الراتب لإسناد الجرة ببحصة تذروها رياح المسؤولين الذين ينفون أية زيادة في القريب المنظور «ولا تشكيلي يا مواطن ببكيلك» الوضع لا يسمح .
المشهد قاس لواقع معيشي قاتم ، أثقال وأهوال معيشية ، يصعب على ذوي دخول محدودة ومهلوكة مواجهتها وتوفيرها ولو بالحدود الدنيا ..
هناك عجز اقتصادي بحاجة لنهضة جبارة تؤمن ريعاً مقبولاً لعيش كريم « نهضة نشطة فيها منافسة شريفة وقيم نظيفة تطلعات وأفكار كثيرة بقيت حبراً على ورق ولم تؤخذ بالاعتبار ومواجهة قاهرة متطلبات معيشية صعبة ، ..يوجد تهميش لخط الإنتاج الأول الفلاح وسوق منفلت ، والرابح هو التاجر واللاعب الرئيسي والمتحكم بمدخلات ومخرجات السوق ..يوجد عجز رقابي بل شلل في تسعير الألبسة والحلويات واللحوم و..إنتاجنا المحلي تديره أياد قاصرة و سيرة الغلاء باتت قديمة وصدئة وعلكة ممجوجة لا معنى لتكرارها …وحكي بحكي ..«ولشو الحكي »..إذا كانت لا عين ترى ولا أذن تسمع .. « ..ويبقى الأمل» ومابعد الصبر إلا الفرج ..علّ قادمات الأيام تضع الملح على الجرح ..
وتنظر بعين الشفقة والرحمة على مواطن انقطعت كل سبل الارتقاء بمعيشته وتوفير أدنى سبل متطلباته .
العروبة – حلم شدود