يعد تطور الزراعة شرطاً أساسياً لتحقيق الأمن الغذائي والتخفيف من حدة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة ويواجه القطاع الزراعي تحديات عدة تؤثر على أدائه وبالتالي على التنمية الزراعية ويتميز واقع الزراعة السورية بعدم الاستقرار وتقلب الإنتاج لعوامل متعددة منها شح الأمطار وغلاء مستلزمات العملية الإنتاجية من سماد ويد عاملة والبذار والمازوت وضعف فعالية الأدوية الزراعية وظهور الأمراض والآفات الزراعية والتي تؤدي إلى تراجع إنتاجية الموسم وبالتالي تراكم الديون على الفلاح ,والأهم أن التعويضات في حال تعرض المحصول للأضرار بسبب الصقيع أو الحرارة المرتفعة وغيرها قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع وتفتت حجم الحيازات الزراعية في إطار انتشار الملكية الخاصة إضافة لمعوقات في مجال التسويق والسياسات التموينية وهذا يتضمن السياسات السعرية للمنتجات الغذائية وخاصة الزراعية « وانخفاض الأسعار حيث تتعرض كميات كبيرة من المنتجات الزراعية للتلف نتيجة عدم القدرة على تسويقها وخضوع عمليات التوزيع للسمسرة وعرض أسعار متدنية على المنتج وبالتالي عدم حصول المزارع على هامش ربح مناسب لذلك سيلجأ إلى التحول من الزراعة إلى أعمال أخرى لذلك يجب العمل على توفير منافذ تسويقية وأسواق خارجية تؤمن أسعاراً أفضل للمنتج والمستهلك لأنه في ظل تحكم السماسرة بأسعار المنتجات الزراعية سيكون الفلاح والمستهلك هما الخاسران في هذه المعادلة فأي إنتاج دون تسويق ناجح وإنصاف الفلاح والمستهلك على السواء لن تحقق العملية الإنتاجية أهدافها وتكون النتيجة تكدس وتراكم المنتج وانخفاض الأسعار إلى مادون التكلفة الفعلية وتبدأ معها معاناة الفلاح من الخسارة حيث يضطر لبيع إنتاجه بأسعار قليلة وهكذا يكون الفلاح المغلوب على أمره والذي تعب طوال الموسم هو الخاسر الوحيد بينما السمسار أو الوسيط الذي يعرف كيف يجني ثمار عرق الفلاح وجهوده هو الرابح الأكبر .
أما الفلاح هو الحلقة الأضعف في سلسلة التسويق بدءاً من المنتج ومروراً بتاجر الجملة ونصف الجملة وصولاً إلى تاجر المفرق?!. وهل من المعقول أن يحقق تاجر المفرق ربحاً يفوق أضعاف ما يحققه المنتج وذلك خلال أيام, بينما المستهلك يحتاج إلى حماية من قبل الجهات الرسمية ورقابة الأسعار, لأن كل ارتفاع في الأسعار سينعكس عليه سلباً ويشكل عبئاً على ميزانية الأسرة يضاف إلى الأعباء الأخرى في تكاليف المعيشة التي تتضخم ..
ومما لاشك فيه أن تنمية القطاع الزراعي والتركيز عليه ودعم الفلاحين يسهم بتحقيق الأمن الغذائي وتوفير حاجة الاستهلاك الوطني واستدامة الموارد الطبيعية وهذا يتطلب الاستثمار الاقتصادي لهذا القطاع وتسويق المنتجات الزراعية وتوسيع دور النظام المصرفي في التمويل والتأمين والضمان الزراعي بتنمية ريفية شاملة تسهم في تحسين دخول المنتجين وتكامل سياسات التنمية لأنه لا يمكننا إغفال أهمية الدور الذي يلعبه الفلاح وذلك من خلال الجهد والعرق الذي يمتزج مع الأرض ليخرج لنا زيتوناً وقمحاً وقطناً وغير ذلك من المنتجات التي تشكل أساس أمننا الغذائي الذي يشكل الضمانة الأساسية لاستقلال قرارنا السياسي .
العروبة_ الأخبار